للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجَب تَعيينُ النيَّةِ له كطَوافِ الزِّيارةِ، فلو طاف يَنوي الوَداعَ أو طافَ بنيَّةِ الطَّوافِ مُطلَقًا لم يُجزِئْه عن طَوافِ الزِّيارةِ.

ولأنَّ الصَّومَ عبادةٌ مُضافةٌ إلى وَقتٍ، يَجِبُ التَّعيينُ في نيَّتها، كالصَّلواتِ الخَمسِ، ولأنَّ التَّعيينَ مَقصودٌ في نَفسِه، فيُجزِئُ التَّعيينُ عن نيَّةِ الفَريضةِ في الفَرضِ، والواجِبِ في الواجِبِ (١).

وذهَب الإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه لا يُشترَطُ تَعيينُ النيَّةِ لِرَمضانَ، فيَصحُّ بنيَّةٍ مُطلَقةٍ، وبنيَّةِ نَفلٍ لَيلًا، وبنيَّةِ فَرضٍ تَردَّد فيها (٢).

وذهَب الحَنفيَّةُ في التَّعيينِ إلى تَقسيمِ الصِّيامِ إلى قِسمَيْن:

القِسمُ الأولُ: لا يُشترَطُ فيه التَّعيينُ: وهو: أداءُ رَمضانَ، والنَّذرُ المُعيَّنُ زَمانُه، وكذا النَّفلُ؛ فإنَّه يَصحُّ بمُطلَقِ نيَّةِ الصَّومِ من غَيرِ تَعيينٍ.

وذلك؛ لأنَّ رَمضانَ مِعيارٌ -كما يَقولُ الأُصوليُّون- وهو مُضيَّقٌ، لا يَسَعُ غَيرَه عن جِنسِه، وهو الصَّومُ، فلم يُشرَعْ فيه صَومٌ آخَرُ، فكان مُتعيَّنًا لِلفَرضِ، والمُتعيَّنُ لا يَحتاجُ إلى تَعيينٍ، والنَّذرُ المُعيَّنُ مُعتبَرٌ بإيجابِ اللهِ تَعالى، فيُصامُ كلٌّ منهما بمُطلَقِ النيَّةِ، وبأصلِها، وبنيَّةِ نَفلٍ، لِعَدمِ المُزاحِمِ كما يَقولُ الحَصكَفيُّ (٣).


(١) «الإشراف» (١/ ١٩٥)، و «الإفصاح» (١/ ٣٨٣)، و «بداية المجتهد» (١/ ٤٠٢)، و «القوانين الفقهية» (٧٩، ٨٠)، و «المجموع» (٧/ ٤٨٨)، و «روضة الطالبين» (٢/ ٣٥٠)، و «المغني» (٤/ ١٣١)، و «الإنصاف» (٣/ ٢٩٣).
(٢) «المغني» (٤/ ١٣١)، و «الإنصاف» (٣/ ٢٩٤).
(٣) «الدر المختار» (٢/ ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>