للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِقَولِ النَّبيِّ : «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» (١).

ثم اختَلفُوا فيما إذا حال دونَ مَطلَعِ الهِلالِ غَيمٌ، أو قَتَرٌ (٢) في لَيلةِ الثَّلاثينَ من شَعبانَ:

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ وأحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه لا يَجِبُ صَومُه، ويَجِبُ إكمالُ شَعبانَ ثَلاثينَ يَومًا، لِقَولِ النَّبيِّ : «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» (٣). ولأن هذا اليَومَ يَومُ شكٍّ، وقد نَهى النَّبيُّ عن صَومِ يَومِ الشَّكِّ -كما في الصَّحيحَيْن-؛ ولأن الأصل بَقاءُ الشَّهرِ، فلا يُنقَلُ عنه إلا بدَليلٍ، ولم يُوجَدْ.

وذهَب الإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ أخرى إلى أنَّ الناسَ تَبَعٌ لِلإمامِ، فإنْ صامَ صاموا، وإنْ أفطَر أفطَروا؛ لِقَولِ النَّبيِّ : «الصَّوْمُ يَومَ تَصُومُونَ وَالْفِطْرُ يَومَ تُفْطِرُونَ وَالْأَضْحَى يَومَ تُضَحُّونَ» (٤). قيلَ: مَعناه أنَّ الصَّومَ والفِطرَ مع الجَماعةِ وَعُظمِ الناسِ.


(١) رواه البخاري (١٨١٠) ومعنى غُبِّي أي: حالَ بَينَكم وبينَه سَحابٌ أو نَحوُه، مَأخوذٌ من الغَباوةِ وعَدمِ الفِطنةِ، استَعارَ ذلك لِخَفاءِ الهِلالِ. قاله الشَّوكانيُّ.
(٢) قتر: القَترُ هو الغُبرةُ (السَّوادُ) - «ترتيب القاموس» (٣/ ٥٥٨).
(٣) رواه البخاري (١٨١٠).
(٤) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الترمذي (٦٩٧)، وابن ماجه (١٦٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>