للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: السُّنةُ:

عن زيادِ بنِ الحَرثِ الصُّدائيِّ صاحِبِ رَسولِ اللهِ قالَ: أتَيتُ رَسولَ الله فبايَعْتُه، فذكَرَ حَديثًا طَويلًا، قالَ: فأَتاه رَجلٌ، فقالَ: أَعطِني مِنْ الصَّدقةِ، فقالَ له رَسولُ اللهِ : «إنَّ اللَّهَ تعالَى لَم يَرضَ بحُكمِ نَبيٍّ ولا غيرِه فِي الصَّدقاتِ، حتى حَكمَ فيها هو، فجزَّأَها ثَمانيَةَ أَجزاءٍ، فإنْ كُنْتَ مِنْ تلك الأَجزاءِ أَعطَيتُك حقَّك» (١).

دَلَّ هذا الحَديثُ على وُجوبِ استيعابِ الأَصنافِ الثَّمانيةِ بالصَّدقاتِ وذلك لِما اشتَملَ عليه مِنْ لَفظِ «فجزَّأَها ثَمانِيةَ أَجزاءٍ»، فجعَلَ الصَّدقاتِ ثَمانيةَ أَجزاءٍ لكلِّ صِنفٍ جُزءًا، ثم أكَّدَ ذلك بقَولِه : «فإنْ كُنْتَ مِنْ تلك الأَجزاءِ أَعطَيتُك حقَّك»، فأثبَتَ أنَّ لكلِّ جُزءٍ -أي: صِنفٍ- حقًّا في الصَّدقاتِ يَجبُ وُصولُه إليه.

قالَ الإمامُ الخَطابيُّ : قُلتُ في قَولِه: «فإنْ كُنْتَ مِنْ تلك الأَجزاءِ أَعطَيتُك حقَّك»، دَليلٌ على أنَّه لا يَجوزُ جَمعُ الصَّدقةِ كلِّها في صِنفٍ واحِدٍ وأنَّ الواجِبَ تَفرِقتُها على أهلِ الأسهُمِ بحِصصِهم، ولو كانَ مَعنى الآيةِ بَيانَ المَحلِّ دونَ بَيانِ الحصَصِ لم يَكنْ للتَّجزِئةِ مَعنًى، ويَدلُّ على صحَّةِ ذلك قَولُه «أَعطَيتُك حقَّك»، فبيَّنَ أنَّ لكلِّ أهلِ جُزءٍ على حِدةٍ حقًّا (٢).


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (١٦٣٠)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٧٥٢٢).
(٢) «معالم السنن شرح سنن أبي داود» (٢/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>