للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجهُ الاستِدلالِ من هذا الحَديثِ: أنَّه اشتَملَ على بَيانِ الواجِبِ في صَدقةِ الفِطرِ وأنَّه صاعٌ من طعَامٍ، ثم فصَّلَ بعدَ ذلك أَصنافَ الطَّعامِ التي يُخرَجُ منها، وذكَرَ منها البُرَّ فدَلَّ ذلك على أنَّ مِقدارَ الواجِبِ من البُرِّ صاعٌ كغيرِه من الأَصنافِ.

ثانيًا: المَعقولُ، وهو:

قياسُ البُرِّ على غيرِه من الأَجناسِ التي تُخرَجُ في زَكاةِ الفِطرِ؛ لأنَّه جِنسٌ يُخرَجُ في صَدقةِ الفِطرِ فكانَ قَدرُه صاعًا كسائِرِ الأَجناسِ (١).

وأيضًا فإنَّ الآثارَ في هذا البابِ قد اختَلفَت، والأخذُ بالاحتِياطِ في بابِ العِباداتِ واجِبٌ والاحتِياطُ في إِتمامِ الصاعِ (٢).

أمَّا ما استَدلَّ به الجُمهورُ من أنَّ المِقدارَ الواجِبَ في البُرِّ صاعٌ بما رَواه أبو سَعيدٍ، وذلك لِما اشتَملَ عليه من لَفظِ: «صاعًا من طَعامٍ»، وقَولُ النَّوويِّ وابنِ عبدِ البَرِّ من أنَّ المَقصودَ بالطَّعامِ هنا الحِنطةُ رَدَّه ابنُ المُنذِرِ فقالَ: ظَنَّ بعضُ أَصحابِنا أنَّ قَولَه في حَديثِ أبي سَعيدٍ «صاعًا من طَعامٍ» حُجةٌ لمَن قالَ: صاعًا من حِنطةٍ، وهذا غَلطٌ منه، وذلك أنَّ أبا سَعيدٍ أجمَلَ الطَّعامَ ثم فسَّرَه (٣)، كما جاءَ ذلك في صَحيحِ البُخاريِّ عن أبي سَعيدٍ أنَّه قالَ: «كُنا نُخرِجُ فِي عَهدِ رَسولِ اللهِ يومَ الفِطرِ صاعًا مِنْ


(١) «المغني» (٤/ ٣٥).
(٢) «المبسوط» (٣/ ١١٢).
(٣) «فتح الباري» (٣/ ٣٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>