للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجهُ الاستِدلالِ:

يَدُلُّ هذانِ الأَثرانِ على أنَّ مِقدارَ الواجِبِ من البُرِّ نِصفُ صاعٍ، وذلك لِما اشتَملَ عليه الأثَرُ الأولُ من قَولِ ابنِ عُمرَ : «فجعَلَ النَّاسُ عِدلَه مُدَّينِ مِنْ حِنطةٍ»، وقَولُ مُعاويةَ في الأثَرِ الثاني: «إنِّي أَرى أنَّ مُدَّينِ مِنْ سَمراءِ الشَّامِ، تَعدِلُ صاعًا مِنْ تَمرٍ» فأخَذَ النَّاسُ بذلك»، والناسُ إذْ ذاك هُمْ الصَّحابةُ، ولَفظُ الناسِ للعُمومِ فكانَ إِجماعًا، قالَ الزَّيلَعيُّ: ولا يَضرُّ مُخالَفةُ أبي سَعيدٍ لذلك بقَولِه: «فأمَّا أَنا فَلا أَزالُ أُخرِجُه كَما كُنْتُ أُخرِجُه، أَبدًا ما عِشتُ»؛ لأنَّه لا يَقدَحُ في الإِجماعِ، لا سيَّما إذا كانَ فيه الخُلفاءُ الأربَعةُ أو نَقولُ: أرادَ بالزِّيادةِ على قَدرِ الواجِبِ تَطوُّعًا، واللهُ أعلمُ (١).

٣ - عن نافِعٍ عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ قالَ: «كانَ النَّاسُ يُخرِجونَ صَدقةَ الفِطرِ على عَهدِ رَسولِ اللهِ صاعًا مِنْ شَعيرٍ، أو تَمرٍ، أو سُلتٍ، أو زَبيبٍ»، قالَ: قالَ عبدُ اللهِ: فلمَّا كانَ عُمرُ ، وكثُرَتِ الحِنطَةُ، جعَلَ عُمرُ نِصفَ صاعٍ حِنطَةً مَكانَ صاعٍ مِنْ تلك الأَشياءِ» (٢).


(١) «نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية» (٢/ ٤١٨).
(٢) رواه أبو داود (١٦١٤)، وقال الشَّيخُ الألبانِيُّ في «ضَعيفِ أبي داود» (٢/ ١١٧) ح (٢٨٣): رجالُه ثِقاتٌ، لكنَّ ذِكرَ عُمرَ فيه وهمٌ من ابنِ أبي روَّاد.
والصَّوابُ أنَّه مُعاويةُ بنُ أبي سُفيانَ كما رواه ابنُ خُزيمَة في «صَحيحِه» من طَريقِ أيوبٍ عن نافعٍ … إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>