للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرِّوايةُ الثانيةُ: لا تُجزِئُه، اختارَها الخِرقيُّ وابنُ حامِدٍ والقاضي (١).

استدَلَّ أَصحابُ هذا القَولِ وهُم المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ لمَذهبِهم -وهو أنَّ نَقلَ الزَّكاةِ من بَلدِ الوُجوبِ إلى بَلدٍ آخَرَ مع وُجودِ المُستحقِّينَ لها ببَلدِ الوُجوبِ لا يَجوزُ بالسُّنةِ والأثَرِ والمَعقولِ.

أولًا: السُّنةُ:

١ - عَنْ ابنِ عَباسٍ : أَنَّ النَّبيَّ بعَثَ مُعاذًا إلى اليَمنِ، فقالَ: «ادعُهم إلى شَهادةِ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنِّي رَسولُ اللهِ، فإنْ هم أَطاعُوا لذلك، فأَعلِمهُم أنَّ اللهَ قد افتَرضَ علَيهم خَمسَ صَلَواتٍ فِي كلِّ يَومٍ ولَيلةٍ، فإنْ هم أَطاعُوا لذلك، فأَعلِمهُم أنَّ اللهَ افتَرضَ عليهم صَدقةً في أَموالِهم تُؤخذُ مِنْ أَغنِيائِهم وتُردُّ على فُقرائِهم» (٢).

وَجهُ الاستِدلالِ من هذا الحَديثِ: هو قَولُه : «تُؤخَذُ مِنْ أَغنِيائِهم وتُرَدُّ على فُقرائِهم»، أي أنَّ الصَّدقةَ تُؤخذُ من أَغنياءِ أهلِ اليَمنِ وتُردُّ في فُقرائِهم، فدَلَّ ذلك على أنَّ صَدقةَ أهلِ كلِّ بَلدٍ هي أحَقُّ لِأهلِ ذلك البَلدِ، وإذا كانَ ذلك كذلك لا يَجوزُ نَقلُ الصَّدقةِ من بَلدٍ إلى بَلدٍ آخَرَ، والصَّدقةُ المَقصودُ بها الواجِبةُ، وهي تَشملُ صَدقةَ الفِطرِ.


(١) «الإنصاف» (٣/ ٢٠٠، ٢٠٢)، و «الفروع» (٢/ ٤٢٥)، و «كشاف القناع» (٢/ ٢٦٤)، و «المبدع» (٢/ ٤٠٧)، و «المغني» (٣/ ٤٤٦، ٤٤٨)، و «الإفصاح» (١/ ٣٧٠).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>