للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسَّنتَينِ في رِوايةِ الحَسنِ ليسَ على التَّقديرِ بل هو بَيانٌ لاستِكثارِ المُدةِ، أي: يَجوزُ وإنْ كَثُرت المُدةُ كما في قَولِه تَعالى: ﴿إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٨٠] (١).

وقد رجَّحَ هذا القَولَ ابنُ عابدِين فقالَ: وحيثُ كانَ في المَسألةِ قَولانِ مُصحَّحانِ تَخيَّر المُفتَى بالعَملِ بأيِّهما إلا إذا كانَ أحدُهما رُجحَ ككَونِه ظاهِرَ الرِّوايةِ، أو مَشى عليه أَصحابُ المُتونِ والشُّروحِ أو أكثَرُ المَشايخِ … وقد اجتَمعَت هذه المُرجِّحاتُ هنا للقَولِ بالإِطلاقِ (أي: بإطلاقِ المُدةِ) فلا يُعدَلُ عنه (٢).

واستدَلَّ الحَنفيةُ على جَوازِ تَقديمِ زَكاةِ الفِطرِ قبلَ وقتِ وُجوبِها مُطلقًا بالسُّنةِ والمَعقولِ:

أمَّا السُّنةُ: فعن نافِعٍ عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ قالَ: «فرَضَ النَّبيُّ صَدقةَ الفِطرِ -أَوْ قالَ: رَمضانَ- على الذَّكَرِ، والأُنثَى، والحُرِّ، والمَملوكِ صاعًا مِنْ تَمرٍ، أو صاعًا مِنْ شَعيرٍ فعدَلَ النَّاسُ به نِصفَ صاعٍ مِنْ بُرٍّ، فكانَ ابنُ عُمرَ يُعطِي التَّمرَ، فأَعوَزَ أَهلُ المَدينةِ مِنْ التَّمرِ، فأَعطَى شَعيرًا، فكانَ ابنُ عُمرَ يُعطِي عَنْ الصَّغِيرِ، والكَبيرِ، حتى إنْ كانَ ليُعطِي عَنْ بَنيَّ، وكانَ ابنُ عُمرَ يُعطِيها الَّذينَ يَقبَلونَها، وكانُوا يُعطُونَ قبلَ الفِطرِ بيَومٍ أَويَومَينِ» (٣).


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٧٤).
(٢) «حاشية ابن عابدين على الدر المختار» (٢/ ٣٦٧).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>