للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفِطرِ -أَوْ قالَ: رَمضانَ- على الذَّكرِ، والأُنثَى، والحُرِّ، والمَملوكِ، صاعًا مِنْ تَمرٍ، أو صاعًا مِنْ شَعيرٍ فعدَلَ النَّاسُ به نِصفَ صاعٍ مِنْ بُرٍّ، فكانَ ابنُ عُمرَ يُعطِي التَّمرَ، فأَعوَزَ أَهلُ المَدينَةِ مِنْ التَّمرِ، فأَعطَى شَعيرًا، فكانَ ابنُ عُمرَ يُعطِي عَنْ الصَّغيرِ، والكَبيرِ، حتى إنْ كانَ ليُعطِي عَنْ بَنيَّ، وكانَ ابنُ عُمرَ يُعطِيها الَّذينَ يَقبَلونَها، وكانُوا يُعطونَ قبلَ الفِطرِ بيَومٍ أو يَومَينِ» (١) وهذا إِشارةٌ إلى جَميعِهم، فيَكونُ إِجماعًا؛ ولأنَّ تَعجيلَها بهذا القَدرِ لا يُخِلُّ بالمَقصودِ منها؛ إذِ الظاهِرُ أنَّها تَبقى أو بعضُها إلى يومِ العيدِ، فيُستَغنَى بها عن الطَّوافِ والطَّلبِ فيه، ولأنَّها زَكاةٌ جازَ تَعجيلُها قبلَ وُجوبِها كزَكاةِ المالِ (٢).

وقالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ : ويَدلُّ على ذلك أيضًا ما أخرَجَه البُخاريُّ في الوَكالةِ وغيرِها عن أبي هُريرةَ قالَ: «وكَّلَني رَسولُ اللهِ بحِفظِ زَكاةِ رَمضانَ … » الحَديثَ. وفيه أمسَكَ الشَّيطانَ ثَلاثَ لَيالٍ وهو يَأخذُ من التَّمرِ، فدَلَّ على أنَّهم كانوا يُعجِّلونَها (٣).

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختلَفوا فيما زادَ على اليَومِ واليَومَينِ على أربَعةِ أَقوالٍ:

القَولُ الأولُ: لا يَجوزُ تَقديمُها قبلَ يومِ العيدِ أكثَرَ من يَومَينِ، وهو قَولُ المالِكيةِ والحَنابِلةِ في المَذهبِ والكَرخيِّ من الحَنفيةِ (٤).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّم.
(٢) «شرح منتهى الإرادات» (١/ ٤٤٢).
(٣) «فتح الباري» (٣/ ٣٧٦، ٣٧٧).
(٤) «بدائع الصنائع» (٢/ ٦٤)، و «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٣/ ٥٦٧)، و «الذخيرة» (٣/ ١٥٧)، و «بلغة السالك» (١/ ٤٣٩)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٣٧٥)، و «شرح الزرقاني» (٢/ ٢٠١)، و «المغني» (٤/ ٥٠)، و «الإفصاح» (١/ ٣٤٩)، و «طرح التثريب» (٤/ ٦٠)، و «المبدع» (٢/ ٣٩٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (١/ ٤٤٢)، و «مطالب أولي النهى» (٢/ ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>