للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ قُدامةَ : وإنْ تَبرعَ بمُؤنةِ إِنسانٍ في شَهرِ رَمضانَ فأكثَرُ أَصحابِنا يَختارونَ وُجوبَ الفِطرةِ عليه، وقد نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايةِ أبي داودَ فيمَن ضَمَّ إلى نَفسِه يَتيمةً يُؤدِّي عنها (٨).

استدَلَّ الحَنابِلةُ على ذلك بما رَواه ابنُ عُمرَ قالَ: «أمَرَ رَسولُ اللهِ بصَدقةِ الفِطرِ عَنْ الصَّغيرِ والكَبيرِ والحُرِّ والعبدِ ممَّن تَمُونونَ» (١).

ووَجهُ الاستِدلالِ من هذا الحَديثِ هو أنَّه اشتَملَ على الأمرِ بصَدقةِ الفِطرِ على مَنْ يَمونُ غيرَه أنْ يُؤدِّيَ عنه، ويَدخلُ في هذا مَنْ يَمونُ اليَتيمَ مُتبرعًا، إذًا فزَكاةُ الفِطرِ عن اليَتيمِ واجِبةٌ على مَنْ تَبرعَ بمُؤنَتِه.

ولِقياسِ اليَتيمِ على العَبدِ بجامِعِ الإِنفاقِ في كلٍّ، والعبدُ تَجبُ فِطرتُه على سيِّدِه، فكذلك اليَتيمُ تَجبُ فِطرَتُه على مَنْ تَبرعَ بمُؤنتِه (٢).

وقد حمَلَ ابنُ قُدامةَ كَلامَ الإمامِ أحمدَ على الاستِحبابِ، لا على الوُجوبِ.

فقالَ : وكَلامُ أحمدَ في هذا مَحمولٌ على الاستِحبابِ، لا على الإيجابِ، والحَديثُ مَحمولٌ على مَنْ تَلزمُه مُؤنتُه لا على حَقيقةِ المُؤنةِ (٣).


(١) سبَق تَخريجُه.
(٢) «المغني» (٤/ ٥٥).
(٣) «المغني» (٤/ ٥٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>