للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُخاصِمُ أَباه فِي دَينٍ علَيه، فقالَ نَبيُّ اللهِ : «أنتَ ومالُكَ لأَبيكَ» (١). فدَلَّ على أنَّ الأبَ مُقدَّمٌ.

وأمَّا المَعقولُ فهو من وُجوهٍ:

أحدُها: أنَّ الفِطرةَ طُهرةٌ للمُخرَجِ عنه وشَرفٌ له، والأبُ أحَقُّ بهما، فإنَّه مَنسوبٌ إليه ويَشرُفُ بشَرفِه، لذلك يُقدَّمُ على الأُمِّ في الفِطرةِ (٢).

الثاني: الزَّكاةُ عِبادةٌ بَدنيَّةٌ وهي للرِّجالِ أكثَرُ بخِلافِ النَّفقةِ (٣).

الثالِثُ: نَفقةُ الطِّفلِ في صغَرِه قد تَجبُ على أَبيه دونَ أُمِّه فكانَت نَفقةُ أَبيه أوكَدَ من نَفقةِ أُمِّه، والفِطرةُ تابِعةٌ للنَّفقةِ فيُقدَّمُ الأبُ على الأُمِّ في الفِطرةِ (٤).

وقد خالَفَ الشافِعيةُ التَّرتيبَ هنا، فقالوا بأنَّهم يُرتَّبونَ في الفِطرةِ كما يُرتَّبونَ في النَّفقةِ، والأمُّ مُقدَّمةٌ في النَّفقةِ على الأبِ إلا أنَّهم هنا قالوا بتَقديمِ الأبِ على الأُمِّ إلا أنَّهم أَجابوا عن ذلك بأنَّ النَّفقةَ تَجبُ لسَدِّ الخَلةِ ودَفعِ الحاجةِ والأمُّ أكثَرُ حاجةً وأقَلُّ حيلةً وأكثَرُ خِدمةً للوَلدِ، فوجَبَ تَقديمُها في النَّفقةِ التي تَتضرَّرُ بتَركِها، وأمَّا الفِطرةُ فلا تَجبُ لِحاجةٍ ولا لدَفعِ ضَررٍ بل لتَطهيرِ المُخرَجِ عنه وتَشريفِه، والأبُ أحَقُّ بها فإنَّه مَنسوبٌ إليه ويَشرُفُ بشَرفِه (٥).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابن ماجه (٢٢٩١، ٢٢٩٢)، وأحمد (٦٦٠٢).
(٢) «المجموع» (٦/ ٩٩)، و «أسنى المطالب» (١/ ٣٩١)، و «الأشباه والنظائر» (١/ ٣٣٧)، و «مغني المحتاج» (١/ ٤٠٥)، و «نهاية المحتاج» (٣/ ١٢٠).
(٣) «نهاية المحتاج» (٣/ ١٢٠).
(٤) «الحاوي الكبير» (٣/ ٣٧٤).
(٥) «المجموع» (٦/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>