للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمُتبرعُ بالإِنفاقِ على الغيرِ لا تَجبُ عليه زَكاةُ الفِطرِ عنه، فكذلك لا تَجبُ عليه زَكاةُ الفِطرِ عن والِدَيه الفَقيرَينِ؛ لأنَّه مُتبرعٌ بالإنفاقِ عليهما (١).

القَولُ الثالِثُ: زَكاةُ الفِطرِ عن الوالِدَينِ الفَقيرَينِ واجِبةٌ على وَلدِهما إذا اجتمَعَ فيهما الفَقرُ والزَّمانةُ، وإلا لا تَجبْ، وهو قَولُ الشافِعيةِ في المَذهبِ (٢).

قالَ الإمامُ الماوَرديُّ : فإنْ كانوا فُقراءَ فلهم حالانِ: حالُ صِحَّةٍ وحالُ زَمانةٍ، فإنْ كانوا فُقراءَ زَمنَى فنَفقاتُهم على أَولادِهم واجِبةٌ، وكذلك زَكاةُ فِطرِهم، وإنْ كانوا فُقراءَ أَصحاءَ فمَذهبُ الشافِعيِّ أنَّها لا تَجبُ نَفقاتُهم ولا زَكاةُ فِطرِهم حتى يَجتمِعَ فيهم الأَمرانِ جَميعًا: الفَقرُ والزَّمانةُ (٣).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : وعلى الوَلدِ فِطرةُ والِدِه وإنْ علا بشَرطِ أنْ تَكونَ نَفقتُه عليه واجِبةً، فإنْ لم تَكنْ نَفقتُه واجِبةً عليه لم يَلزمْه فِطرتُه (٤).

واستدَلَّ الشافِعيةُ على التَّفريقِ في وُجوبِ زَكاةِ الفِطرِ عن الوالِدَينِ الفَقيرَينِ على وَلدِهما في حالةِ الصِّحةِ وحالةِ الزَّمانةِ بأنَّ الوالِدَينِ الفَقيرَينِ الصحيحَينِ غيرُ الزَّمِنَينِ نَفقتُهما غيرُ واجبةٍ على وَلدِهما؛ لأنَّهما قادِرانِ على الكَسبِ، فتَجبُ عليهما مُؤنةُ نَفسَيهما، فكذلك زَكاةُ الفِطرِ لا تَجبُ عليه عنهما؛ لأنَّه لا تَلزمُه نَفقتُهما في هذه الحالةِ.


(١) «المبسوط» للسرخسي (٣/ ١٠٦)، و «البدائع» (٢/ ٧٢).
(٢) «الحاوي الكبير» (٣/ ٣٥٢)، و «المجموع» للنووي (٦/ ٩٧).
(٣) «الحاوي الكبير» (٣/ ٣٥٢).
(٤) «المجموع» (٦/ ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>