(٢) وقالَ أبو عُبيدةَ القاسِمُ بنُ سلامٍ في كِتابِه «الأموال» (١/ ٥٣٣، ٥٣٤): وهذا مَذهبٌ لا أعلَمُ أحدًا يَعملُ به ولا يَذهبُ إليه مِنْ أهلِ الأثَرِ، وأهلِ الرأيِ، وكانَ سُفيانُ بنُ سَعيدٍ فيما حَكَوْا عنه يَكرهُه ولا يَراهُ مُجزِئًا، فسأَلت عنه عَبدَ الرَّحمنِ فإذا هو على مِثلِ رَأيِ سُفيانَ ولا أدري لَعلَّه قد ذكَرَه عن مالِكٍ أيضًا، وكذلك هو عِندي غيرُ مُجزئٍ عن صاحِبِه بخِلالٍ اجتمَعت فيه: أمَّا إحداها: فإنَّ سُنةَ رَسولِ اللهِ في الصَّدقةِ كانت على خِلافِ هذا الفِعلِ؛ لأنَّه إنَّما كانَ يأخُذُها من أَعيانِ المالِ عن ظَهرِ أيدي الأغنياءِ ثم يَرُدُّها في الفُقراءِ، وكذلك كانَ الخُلفاءُ بعدَه ولم يأتِنا عن أحَدٍ منهم أنَّه أذِن لِأحدٍ في احتِسابِ دَينٍ من زَكاةٍ، وقد عَلِمْنا أنَّ الناسَ قد كانوا يُدانونَ في دَهرِهم. وأما الثانية: فهذا مالٌ هالِكٌ غيرُ مُوجودٍ، قد خرَجَ من يَدِ صاحِبِه على مَعنى القَرضِ والدَّينِ، ثم هو يُريدُ تَحويلَه بعدَ الهلاكِ إلى غَيرِه بالنِّيةِ، فهذا ليسَ بجائِزٍ في مُعامَلاتِ الناسِ بينَهم، حتى يُقبَضَ ذلك الدَّينُ، ثم يَستأنِفُ الوَجهَ الآخَرَ، فكيف يَجوزُ فيما بينَ العِبادِ وبينَ اللهِ ﷾. وأمَّا الثالِثةُ: فأنِّي لا آمَنُ أنْ يَكونَ إنَّما أراد أنْ يَقيَ مالَه بهذا الدَّينِ قد يئِسَ منه، فيَجعلَه رِدءًا لِمالِه يَقيه به، إذا كانَ منه يائِسًا، وليس يَقبَلُ اللهُ تَعالى إلا ما كانَ له خالِصًا. اه.