طَريقِه، وإنْ كانَ له أَموالٌ في بَلدٍ آخَرَ سَواءٌ كانَت في البَلدِ الذي يَقصِدُه أو غيرِه، إذ لم يَكنْ في بَلدِ الإِعطاءِ.
ويَجوزُ كذلك في بَلدِ الإِعطاءِ إذا كانَ له مالٌ مُؤجَّلٌ أو على غائِبٍ أو مُعسِرٍ أو جاحدٍ، فلا يَمنعُ ذلك الأخذَ من الزَّكاةِ على ما صرَّحَ به الحَنفيةُ (١).
الشَّرطُ الثاني: ألَّا يَكونَ سَفرُه لمَعصيةٍ، صرَّحَ بهذا الشَّرطِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ فيَجوزُ إِعطاؤُه من الزَّكاةِ إنْ كانَ سَفرُه لِطاعةٍ واجِبةٍ كحَجِّ الفَرضِ وبِرِّ الوَالدَينِ، أو مُستحَبةٍ كزِيارةِ العُلماءِ والصَّالِحين، أو كانَ سَفرُه لمُباحٍ كطَلبِ المَعاشِ والتِّجاراتِ أو تَحصيلِ كَسبٍ عندَ المالِكيةِ والحَنابِلةِ والشافِعيةِ في الأصَحِّ.
أمَّا إنْ كانَ سَفرُه لمَعصيةٍ كمَن خرَجَ لقَتلِ نَفسٍ أو لتِجارةٍ مُحرَّمةٍ أو نحوِ ذلك، فلا يَجوزُ الدَّفعُ إليه فيها؛ لأنَّه إِعانةٌ عليها، فهو كفِعلِها، فإنَّ وَسيلةَ الشَّيءِ جاريةٌ مَجراه، فلا يُعانُ بمالِ المُسلِمينَ على مَعصيةِ اللهِ ﷾ إلا أنْ يَتوبَ تَوبةً نَصوحًا؛ فيُعطَى لبَقيَّةِ سَفرِه إلا أنْ يُخافَ عليه المَوتُ، فإنَّه يُعطَى وإنْ لم يَتبْ؛ لأنَّنا -وإنْ عَصى هو- لا نَعصي نحن بتَركِه يَموتُ.
وقالَ بعضُ المالِكيةِ: لا يُعطَى وإنْ خِيفَ عليه المَوتُ؛ لأنَّ نَجاتَه في يَدِ نَفسِه بالتَّوبةِ.
(١) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٣٤٤)، و «تبيين الحقائق» (١/ ٢٩٨).