للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صِفةِ الأَصنافِ فيهما؛ ولأنَّ هذا يَأخذُ لِحاجَتِنا إليه فأشبَهَ العامِلَ والمُؤلَّفَ، فأمَّا أهلُ سائِرِ الأسهُمِ فإنَّما يُعتبَرُ فَقرُ مَنْ يَأخذُ لِحاجَتِه إليها دونَ من يَأخذُ لحاجَتِنا إليه (١).

وقالَ أبو حَنيفةَ وأَصحابُه: إنْ كانَ الغازي غَنيًّا وهو مَنْ يَملِكُ نِصابًا من أيِّ مالٍ كانَ فلا يُعطَى من الزَّكاةِ، وإنْ لم يَملِكْ نِصابًا فيُعطَى، وإنْ كانَ كاسِبًا؛ لأنَّ الكَسبَ يُقعِدُه عن الجِهادِ.

واحتجُّوا على ذلك بقَولِ النَّبيِّ : «لَا تَحلُّ الصَّدقةُ لغَنيٍّ» (٢)، وقَولِه لمُعاذٍ: «فأَعلِمهم أنَّ اللَّهَ افتَرضَ عليهم صَدقةً في أَموالِهم تُؤخذُ من أَغنِيائِهم وتُردُّ على فُقرائِهم» (٣).

فجعَلَ الناسَ قِسمَينِ: قِسمًا يُؤخَذُ منهم، وقِسمًا يُصرَفُ إليهم، فلو جازَ صَرفُ الصَّدقةِ إلى الغَنيِّ لبطَلَت القِسمةُ، وهذا لا يَجوزُ.

وذهَبَ مُحمدُ بنُ الحَسنِ من الحَنفيةِ إلى أنَّ قَولَه تَعالى: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٦٠] هو مُنقَطِعُ الحاجِّ لا مُنقطِعُ الغُزاةِ.


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (١/ ٤٩٧)، و «الاستذكار» (٣/ ٢١٣)، و «الإشراف» (١/ ١٩٣)، و «بلغة السالك» (١/ ٤٢٩)، و «أحكام القرآن» لابن العربي (٢/ ٩٥٧)، و «المجموع» (٧/ ٣٤٨)، و «تحفة المحتاج» (٣/ ٩٦)، و «الأم» (٢/ ٦٠)، و «الروضة» (٢/ ٣٢١)، و «الحاوي الكبير» (٢/ ٥١٢)، و «المغني» (٦/ ٣٣٣)، و «منار السبيل» (١/ ٢٤٣)، و «مطالب أولي النهى» (٢/ ١٤٧، ١٤٨)، و «الإفصاح» (١/ ٣٦٧).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّم.
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>