للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنَّهم اختلَفوا: هل إذا تابَ يَجوزُ الدَّفعُ إليه ليَقضيَ دَينَه أو لا؟

فقالَ المالِكيةُ في الراجِحِ والشافِعيةُ في الصَّحيحِ: إنْ تابَ يَجوزُ الدَّفعُ إليه، وقالَ المالِكيةُ في قَولٍ والشافِعيةُ في قَولٍ: لا يَجوزُ الدَّفعُ إليه.

وعدَّ الشافِعيةُ الإِسرافَ في النَّفقةِ من بابِ المَعصيةِ التي تَمنعُ الإِعطاءَ من الزَّكاةِ؛ لأنَّ الإِسرافَ في المُباحاتِ إلى حَدِّ الاستِدانةِ حَرامٌ على المُسلِمِ، قال تَعالى: ﴿يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (٣١)[الأعراف: ٣١].

وإنَّما لم يُعطَ الغارِمُ في المَعصيةِ؛ لأنَّ في إِعطائِه إِعانةً له على مَعصيةِ اللهِ ، وإِغراءً لغيرِه بمُتابَعتِه في عِصيانِه، وهو مُتمكِّنٌ من الأخذِ بالتَّوبةِ.

فإذا تابَ أُعطيَ من الزَّكاةِ؛ لأنَّ التَّوبةَ تَجبُّ ما قبلَها، والتائِبُ من الذَّنبِ كمَن لا ذَنبَ له.

واشتَرطَ بعضُ الفُقهاءِ: أنْ تَمضيَ عليه مُدةٌ بعدَ إعلانِه تَوبتَه يُظهِرُ فيها صَلاحَ حالِه واستِقامةَ أمرِه.

وقالَ آخَرونَ: يَكفي أنْ يَغلبَ على الظَّنِّ صِدقُه في تَوبتِه، فيُعطَى، وإنْ قصُرَت المُدةُ.

٦ - أنْ يَكونَ الدَّينُ حالًّا، صرَّحَ بهذا الشَّرطِ الشافِعيةُ، فإنْ كانَ مُؤجَّلًا ففي إِعطائِه ثَلاثةُ أوجُهٍ:

أصَحُّها: لا يُعطَى؛ لأنَّه غيرُ مُحتاجٍ إليه الآنَ.

والثاني: يُعطَى؛ لأنَّه يُسمَّى غارِمًا فيَدخلُ في عُمومِ النَّصِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>