فإنْ قِيل: لو أَرادَ المُكاتَبينَ لَذكَرَهم باسمِهم الخاصِّ.
فالجَوابُ: أنَّ هذا مُنتقَضٌ بقَولِه ﷿: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٦٠] فإنَّ المُرادَ به بعضُهم، وهُم المُتطوِّعونَ الذين لا حَقَّ لهم في الدِّيوانِ ولم يُذكَروا باسمِهم الخاصِّ.
فإنْ قيلَ: لو أرادَ المُكاتَبينَ لاكتَفَى بالغارِمين فإنَّهم منهم.
فالجَوابُ: أنَّه لا يُفهَمُ أحدُ الصِّنفَينِ من الآخَرِ؛ ولأنَّه جمَعَ بينَهما للإِعلامِ بأنَّه لا يَجوزُ الاقتِصارُ على أحدِهما، وأنَّ لكلِّ صِنفٍ منهما سَهمًا مُستقلًّا، كما جمَعَ بينَ الفُقراءِ والمَساكينِ، وإنْ كانَ كلُّ واحِدٍ منهما يَقومُ مَقامَ الآخَرِ في غيرِ الزَّكاةِ، واللهُ تعالَى أعلَمُ (١).
فعلى هذا إنَّما يُعانُ المُكاتَبُ إنْ لم يَكنْ قادِرًا على الأداءِ لبعضِ ما وجَبَ عليه، فإنْ كانَ لا يَجدُ شَيئًا أصلًا دُفعَ إليه جَميعُ ما يَحتاجُ إليه للوَفاءِ.
وقالَ الحَنفيةُ: لا يَجوزُ ابتِداءً الإِعتاقُ بنيَّةِ الزَّكاةِ؛ لأنَّ الواجِبَ إِيتاءُ الزَّكاةِ، والإِيتاءُ هو التَّمليكُ، والدَّفعُ إلى المُكاتَبِ تَمليكٌ، فأمَّا الإِعتاقُ فليسَ بتَمليكٍ.
وذهَبَ الإمامُ مالِكٌ وأحمَدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه لا يَجوزُ دَفعُ الزَّكاةِ إلى المُكاتَبينَ؛ لأنَّ الرِّقابَ هُمْ العَبيدُ القَنُّ، أي: خالِصُ العُبوديَّةِ.