للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو في حاجةٍ إليها؛ لأنَّه ليسَ من أهلِ العِلمِ ولا من أَربابِ تلك الحِرفةِ.

قالَ الكاسانيُّ : ثم قَدرُ الحاجةِ ما ذكَرَه الكَرخيُّ في «مُختصَرِه» فقالَ: لا بأسَ بأنْ يُعطَى من الزَّكاةِ مَنْ له مَسكنٌ وما يَتأثَّثُ به مَنزلُه، وخادِمٌ وفَرسٌ وسِلاحٌ وثِيابُ البَدنِ وكُتبُ العِلمِ إنْ كانَ من أهلِه، فإنْ كانَ له فَضلٌ على ذلك ما تَبلغُ قيمَتُه مِئتَي دِرهمٍ حرُمَ عليه أخذُ الصَّدقةِ؛ لِما رُويَ عن الحَسنِ البَصريِّ أنَّه قالَ: «كَانُوا يُعطُونَ الزَّكاةَ لمَن يَملِكُ عَشرةَ آلَافِ دِرهمٍ من الفَرسِ والسِّلاحِ والخَدمِ والدَّارِ»؛ لأنَّ هذه الأَشياءَ من الحَوائجِ اللازِمةِ التي لا بدَّ للإِنسانِ منها، فكانَ وُجودُها وعَدمُها سَواءً (١).

وذكرَ في «الفَتاوى» فيمَن له حَوانيتُ ودُورٌ للغَلةِ، لكنَّ غَلتَها لا تَكفيه وعِيالَه أنَّه فَقيرٌ، ويَحلُّ له أخذُ الصَّدقةِ عندَ مُحمدٍ وزُفرَ. وعندَ أبي يُوسفَ لا يَحلُّ، ومِثلُ هذا إذا كانَ له أرضٌ وكَرمٌ لكنَّ غَلتَه لا تَكفيه وعِيالَه.

ولو عندَه طَعامٌ للقُوتِ يُساوي (مِئتَي دِرهَمٍ) فإنْ كانَ كِفايةَ شَهرٍ تَحلُّ له الصَّدقةُ، وإنْ كانَ كِفايةَ سَنةٍ قالَ بعضُهم: لا تَحلُّ، وقالَ بعضُهم: تَحلُّ؛ لأنَّ ذلك مُستحِقٌّ الصَّرفَ إلى الكفايةِ، والمُستحِقُ مُلحَقٌ بالعَدمِ، وقد ادَّخرَ لنِسائِه قُوتَ سَنةٍ. ولو كانَ له كِسوةُ الشِّتاءِ وهو لا يَحتاجُ إليها في الصَّيفِ يَحلُّ له أخذُ الصَّدقةِ. قالَ الكاسانيُّ: وهذا قَولُ أَصحابِنا (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٤٩٨، ٤٩٩).
(٢) «البدائع» (٢/ ٥٠٠)، و «رد المحتار» (٢/ ٣٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>