اختَلفَ الفُقهاءُ في الإِنسانِ إذا وجَدَ الرِّكازَ في مِلكِ غيرِه هل يَملكُه أو يَكونُ لِمالكِ الأرضِ؟
فذهَبَ أبو حَنيفةَ ومُحمدٌ ومالِكٌ وأحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ الرِّكازَ المَوجودَ في دارٍ أو أرضٍ مَملوكةٍ يَكونُ لِصاحِبِ الدارِ أو الأرضِ كالمُستأجِرِ أرضًا أو بَيتًا يَجدُ رِكازًا فيها فيَكونُ لصاحِبِ الأرضِ أو الدارِ (١).
وذهَبَ الإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ وأبو يُوسفَ من الحَنفيةِ ومُطرِّفٌ وابنُ الماجِشونِ وابنُ نافِعٍ وأصبَغُ من المالِكيةِ والحَسنُ بنُ صالِحٍ وأبو ثَورٍ إلى أنَّه لِواجدِه؛ لأنَّ الإمامَ أحمدَ قالَ في مَسألةِ مَنْ استَأجرَ أجيرًا ليَحفِرَ له في دارِه فأصابَ في الدارِ كَنزًا فهو لِلأجيرِ. نقَلَ ذلك عنه مُحمدُ بنُ يَحيى الكَحالُ قالَ القاضِي: وهو الصَّحيحُ، قالَ ابنُ قُدامةَ: وهذا يَدلُّ على أنَّ الرِّكازَ لواجِدِه، وهو قَولُ الحَسنِ بنِ صالِحٍ وأبي ثَورٍ واستَحسَنه أبو يُوسفَ، وذلك لأنَّ الكَنزَ لا يُملَكُ بمِلكِ الدَّارِ فيَكونُ لمَن وجَدَه، لكنْ إنِ ادَّعاه المالِكُ فالقَولُ قَولُه؛ لأنَّ يَدَه عليه بكَونِها على محَلِّه، وإنْ لم يَدعِه فهو لواجِدِه.
وإنِ استَأجرَ حَفارًا ليَحفِرَ له طَلبًا لكَنزٍ يَجدُه فوجَدَه فلا شَيءَ لِلأجيرِ، ويَكونُ الواجِدُ له هو المُستأجِرَ؛ لأنَّه استَأجرَه لذلك فأشبَهَ ما لو استَأجرَه ليَحتشَّ له أو يَصطادَ، فإنَّ الحاصِلَ من ذلك للمُستَأجِرِ دونَ الأجيرِ، وإنِ
(١) «المبسوط» للشيباني (٢/ ١٣٢)، و «المبسوط» للسرخسي (٢/ ٢١٢٤)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ٥٥٠)، و «فتح القدير» (٢/ ١٨٣)، و «المغني» (٣/ ٥٤٣).