للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقصِدْه، وجَهلُ المُشتَري لا يُوجِبُ له شِراءَ ما لم يَقصِدْه، ولا يَسقطُ مِلكُ الأولِ؛ لأنَّه لم يَقصِدْ بَيعَه (١).

قال ابنُ عابدِين : وذلك لِما في «البَحر» من أنَّ الكَنزَ مُودَعٌ في الأرضِ، فلَمَّا ملَكَها الأولُ ملَكَ ما فيها، ولا يَخرجُ ما فيها عن مِلكِه ببَيعِها كالسَّمكةِ في جَوفِها دُرَّةٌ (٢).

وذهَبَ الإمامُ أحمَدُ في رِوايةٍ وأبو يُوسفَ من الحَنفيةِ وابنُ القاسِمِ من المالِكيةِ إلى أنَّ الباقيَ بعدَ الخُمسِ لِلمالِكِ الأخيرِ الذي وجَدَه، وهو المُشتَري، فإنَّ ما في داخِلها بمَنزِلةِ ما في خارِجها؛ ولأنَّه مالُ كافِرٍ مَظهورٍ عليه في الإِسلامِ، فكانَ لمَن ظهَرَ عليه كالغَنائمِ؛ ولأنَّ الرِّكازَ لا يُملَكُ بمِلكِ الأرضِ؛ لأنَّه مُودَعٌ فيها، وإنَّما يُملَكُ بالظُّهورِ عليه، وهذا قد ظهَرَ عليه فوجَبَ أنْ يَملِكَه.

وقد صحَّحَ ابنُ قُدامةَ هذه الرِّوايةَ فقالَ: وهذا الأصَحُّ إنْ شاءَ اللهُ تعالى؛ لأنَّ الرِّكازَ لا يُملَكُ إلا بمِلكِ الدارِ؛ لأنَّه ليسَ من أَجزائِها، وإنَّما هو مُودَعٌ فيها فيَنزِلُ مَنزِلةَ المُباحاتِ من الحَشيشِ والحَطبِ والصَّيدِ يَجدُه في أرضِ غيرِه، فيَأخذُه فيَكونُ أحَقَّ به (٣).


(١) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٣٢٢)، و «عمدة القاري» (١٦/ ٥٨)، و «التبصرة» (٣/ ٩٦٤)، والخرشي (٢/ ٢١١)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (١/ ٤٨٧)، و «المجموع» (٧/ ١٧٣) «المغني» (٣/ ٥٤٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (١/ ٤٠٠).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٣٢٢).
(٣) «المغني» (٣/ ٥٤٢)، و «التبصرة» (٣/ ٩٦٤)، والخرشي (٢/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>