للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العُشرِ لقَولِ النَّبيِّ : «فيمَا سَقَت السَّماءُ والعُيونُ أو كانَ عَثرِيًّا العُشرُ، وما سُقيَ بالنَّضحِ نِصفُ العُشرِ» (١) فأوجَبَ العُشرَ أو نِصفَ العُشرِ مُطلَقًا عن احتِسابِ هذه المُؤنِ؛ ولأنَّ النَّبيَّ أوجَبَ الحَقَّ على التَّفاوُتِ لتَفاوُتِ المُؤنِ، ولو رُفعَت المُؤنُ لارتفَعَ التَّفاوُتُ (٢).

وعن الإمامِ أحمدَ رِوايتانِ: قالَ في إحداهُما: مَنْ استَدانَ ما أنفَقَ على زَرعِه، واستَدانَ ما أنفَقَ على أهلِه، احتَسبَ ما أنفَقَ على زَرعِه دونَ ما أنفَقَ على أهلِه؛ لأنَّه مِنْ مُؤنةِ الزَّرعِ وهو قَولُ ابنِ عَباسٍ.

والرِّوايةُ الثانيةُ: أنَّ الدَّينَ كلَّه يَمنَعُ الزَّكاةَ، وهو قَولُ ابنِ عمرَ.

قال الإمامُ أحمدُ: مَنْ استَدانَ ما أنفَقَ على زَرعِه واستَدانَ ما أنفَقَ على أهلِه، احتَسبَ ما أنفَقَ على زَرعِه دونَ ما أنفَقَ على أهلِه؛ لأنَّه مُؤنةُ الزَّرعِ، وبهذا قالَ ابنُ عَباسٍ، وقالَ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ: «يُحتسَبُ بالدَّينَينِ جَميعًا ثم يُخرِجُ مما بَعدَهما» أي: يُخرِجُ ما استَدانَ أو أنفَقَ على ثَمرَتِه وأهلِه ويُزكِّي ما بقِيَ، وحُكيَ عن أحمدَ أنَّ الدَّينَ كلَّه يَمنَعُ الزَّكاةَ في الأَموالِ الظاهِرةِ.

قال ابنُ قُدامةَ : فعَلى هذه الرِّوايةِ يُحسَبُ كلُّ دَينٍ عليه ثم يُخرَجُ العُشرُ مما بقِيَ إنْ بلَغَ نِصابًا، وإنْ لم يَبلُغْ نِصابًا فلا عُشرَ فيه، وذلك


(١) حَديثٌ صَحيحٌ: تَقدَّم.
(٢) «بدائع الصنائع» (٢/ ٥٣٩)، و «فتح القدير» (٢/ ٨، ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>