وقالَ المالِكيةُ: ولو قرَنَ بنيَّةِ التِّجارةِ نيَّةَ استِغلالِ العَرضِ بأنْ يَنويَ عندَ شِرائِه أنْ يَكريَه وإنْ وجَدَ رِبحًا باعَه، ففيه الزَّكاةُ على المُرجَّحِ عندَهم، وكذا لو نَوى مع التِّجارةِ القِنيةَ بأنْ يَنويَ الانتِفاعَ بالشَّيءِ كرُكوبِ الدابَّةِ أو سُكنى المَنزِلِ ثم إنْ وجَدَ رِبحًا باعَه.
قالوا: فإنْ ملَكَه للقِنيةِ فقط، أو لِلغلَّةِ فقط، أو لهما، أو بلا نيَّةٍ أصلًا فلا زَكاةَ عليه.
وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّه إنِ اشتَرى شَيئًا لِلقِنيةِ كدابَّةٍ ليَركبَها ناويًا أنَّه إنْ وجَدَ رِبحًا باعَها، لم يَعدْ ذلك مالَ تِجارةٍ، بخِلافِ ما لو كانَ يَشتَري دَوابَّ ليُتاجِرَ فيها ويَربَحَ منها، فإذا ركِبَ دابَّةً منها واستعمَلها لنَفسِه حتى يَجدَ الرِّبحَ المَطلوبَ فيها فيَبيعَها، فإنَّ استِعمالَه لها لا يُخرِجُها عن التِّجارةِ؛ إذِ العِبرةُ في النيَّةِ بما هو الأصلُ، فما كانَ الأصلُ فيه الاقتِناءَ والاستِعمالَ الشَّخصيَّ لم يَجعلْه للتِّجارةِ مُجرَّدُ رَغبتِه في البَيعِ إذا وجَدَ رِبحًا، وما كانَ الأصلُ فيه الاتِّجارَ والبَيعَ، لم يُخرِجْه عن التِّجارةِ طُروءُ استِعمالِه.
أمَّا إذا نَوى تَحويلَ عَرضٍ تِجاريٍّ مُعيَّنٍ إلى استِعمالِه الشَّخصيِّ فتَكفي هذه النيَّةُ عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ لإِخراجِه من مالِ التِّجارةِ، وإِدخالِه في المُقتَنياتِ الشَّخصيةِ غيرِ الناميةِ (١).
(١) «ابن عابدين» (٢/ ١٠، ١٩)، و «فتح القدير» (١/ ٥٢٧)، و «المبسوط» (٣/ ٣١٠، ٣١١)، و «البدائع» (٢/ ٤٢٩)، و «المجموع» (٧/ ١٢٩)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ٤٧٢، ٤٧٦)، و «الشرح الصغير» (١/ ٤١٢)، و «شرح المنهاج» (٢/ ٢٨)، و «المغني» (٤/ ٧)، و «الفروع» (٤/ ١٦٨).