للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّه قد وقَفَ أَموالَه للهِ تعالَى مُتبَرِّعًا، فكيف يَشِحُّ بواجِبٍ؟ واستنبَطَ بعضُهم من هذا وُجوبَ زَكاةِ التِّجارةِ، وبه قالَ جُمهورُ العُلماءِ من السَّلفِ والخَلفِ خِلافًا لِداودَ (١).

وقالَ الإمامُ الماوَرديُّ : ورُويَ أنَّ النَّبيَّ : بعَثَ عُمرَ ابنَ الخَطابِ مُصدِّقًا فرجَعَ شاكِيًا من خالدِ بنِ الوَليدِ، والعَباسِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ وابنِ جَميلٍ، فقالَ النَّبيُّ : أمَّا خالِدٌ فقد ظلَمتُموه؛ لأنَّه حبَسَ أدرُعَه وأعتُدَه في سَبيلِ اللهِ، والأعتُدُ: الخَيلُ، ومَعلومٌ أنَّ الأدرُعَ والخَيلَ لا تَجبُ فيها زَكاةُ العَينِ، فثبَتَ أنَّ الذي وجَبَ فيها زَكاةُ التِّجارةِ (٢).

قال الطَّيبيُّ : وفيه دَليلٌ أيضًا على وُجوبِ الزَّكاةِ في أَموالِ التِّجارةِ، وإلا لَمَا اعتَذرَ النَّبيُّ عندَ مُطالَبةِ زَكاةِ مالِ التِّجارةِ على خالدٍ بهذا القَولِ.

وقالَ: (قَولُه: قد احتسَبَها في سَبيلِ اللهِ) أنَّه احتسَبَها في سَبيلِ اللهِ وقصَدَ بإِعدادِها الجِهادَ دونَ التِّجارةِ، فلا زَكاةَ فيها؛ وأنتم تَظلِمونَه بأنْ تَعدُّوها من عُروضِ التِّجارةِ، فتَطلبوا الزَّكاةَ منها (٣).


(١) «شرح مسلم» (٧/ ٥٦).
(٢) «الحاوي الكبير» (٣/ ٢٨٣).
(٣) «شرح الطيبي على المشكاة» (٥/ ١٤٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>