للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو تَصدَّقوا ولو مما أخرَجَت الأرضُ من القَمحِ، أو ممَّا أثمَرت النَّخيلُ من التَّمرِ، ما دامَت الصَّدقةُ في هذه الأَشياءِ لَازمةً ومَفروضةً، إنَّما يُقالُ مَثلًا: تَصدَّقْ ولو مِنْ لَبنِ بَقرَتِك، تَصدَّقْ ولو من طَعامِكم وزادِك، ونَحوُ ذلك مما لا تَجبُ فيه الزَّكاةُ المَفروضةُ (١).

الَقولُ الثاني: ذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ، والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى وُجوبِ الزَّكاةِ في الحُليِّ المُباحةِ إذا بلَغَت نِصابًا، وحالَ عليها الحَولُ، سَواءٌ كانَ الحَلْيُ مَلبوسًا أو مُدَّخرًا أو مُعَدًّا لِلتِّجارةِ.

أدِلَّةُ هذا القَولِ:

١ - العُموماتُ الوارِدةُ في القُرآنِ الكَريمِ، كقَولِه تَعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٤)[التوبة: ٣٤] ألحَقَ الوَعيدَ الشَّديدَ بكَنزِ الذَّهبِ والفِضةِ وتَركِ إنفاقِهما في سَبيلِ اللهِ من غيرِ فَصلٍ بينَ الحُليِّ وغيرِها، وكلُّ مالٍ لم تُؤدَّ زَكاتُه فهو كَنزٌ، فكانَ تاركًا أداءَ الزَّكاةِ منه كانِزًا، فيَدخلُ تحتَ الوَعيدِ ولا يَلحَقُ الوَعيدُ إلا بتَركِ الواجِبِ.

ولأنَّ الحُليَّ مالٌ فاضِلٌ على الحاجةِ الأصليَّةِ؛ إذِ الإِعدادُ للتَّجمُّلِ والتَّزيُّنِ دَليلُ الفَضلِ على الحاجةِ الأصليَّةِ، فكانَ نِعمةً لحُصولِ التَّنعُّمِ به؛ فيَلزَمُه شُكرُها بإِخراجِ جُزءٍ منها لِلفُقراءِ (٢).


(١) «فقه الزَّكاة» (١/ ٣٠٥).
(٢) «بدائع الصنائع» (٢/ ٤١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>