= الحَولِ بيَومٍ لا تَضُرُّه النِّيَّةُ؛ لأنَّ ذلك لا يَلزمُه إلا بتَمامِ الحَولِ ولا يَتوجَّهُ إليه مَعنى قَولِه: «خَشيةَ الصَّدقةِ» إلا حينَئذٍ، قال: وقال المُهلَّبُ: قصَد البُخاريُّ أنَّ كلَّ حيلةٍ يَتحيَّلُ بها أحَدٌ في إسقاطِ الزَّكاةِ فإنَّ إثْمَ ذلك عليه؛ لأنَّ النَّبيَّ ﷺ لَمَّا منَع من جَمعِ الغَنمِ أو تَفرِقتِها خَشيةَ الصَّدقةِ فُهِم منه هذا المَعنى، وفُهِم من حَديثِ طَلحةَ في قَولِه: «أفلَحَ إنْ صدَق» أنَّ من رام أنْ يَنقُصَ شيئًا من فَرائِضِ اللهِ بحيلةٍ يَحتالُها لا يُفلِحُ، قال: وما أجابَ به الفُقهاءُ من تَصرُّفِ ذي المالِ في مالِه قُربَ حُلولِ الحَولِ، ثم يُريدُ بذلك الفِرارَ من الزَّكاةِ، ومن نَوى ذلك فالإثمُ عنه غَيرُ ساقِطٍ وهو كمَن فَرَّ عن صيامِ رَمضانَ قبلَ رُؤيةِ الهِلالِ بيَومٍ، واستعمَل سَفرًا لا يَحتالُ إليه لِيُفطِرَ فالوَعيدُ إليه يَتوجَّهُ، وقال بَعضُ الحَنفيَّةِ: هذا الذي ذكَره البُخاريُّ ينُسَبُ لأبي يُوسُفَ، وقال مُحمدٌ: يُكرَهُ لِما فيه من القَصدِ إلى إبطالِ حَقِّ الفُقراءِ بعدَ وُجودِ سَبَبِه وهو النِّصابُ، واحتَجَّ أبو يُوسُفَ بأنَّه امتِناعٌ من الوُجوبِ لا إسقاطٌ لِلواجِبِ، واستدَلَّ بأنَّه لو كان له مِئتا دِرهمٍ فلَمَّا كان قبلَ الحَولِ بيَومٍ تَصدَّق بدِرهمٍ منها لم يُكرَهْ، ولو نَوى بتَصدُّقِه بالدِّرهمِ أنْ يُتِمَّ الحَولَ وليس في مِلكِه نِصابٌ فلا يَلزَمُه الزَّكاةُ، وتُعُقِّب بأنَّ مِنْ أصلِ أبي يُوسُفَ أنَّ الحُرمةَ تُجامِعُ الفَرضَ كطَوافِ المُحدِثِ أو العاري، فكيف لا يَكونُ القَصدُ مَكروهًا في هذه الحالةِ؟ وقَولُه: امتِناعٌ من الوُجوبِ مُعترَضٌ، فإنَّ الوُجوبَ قد تَقرَّر من أولِ الحَولِ؛ ولذلك جاز التَّعجيلُ قبلَ الحَولِ، وقد اتَّفقوا على أنَّ الاحتيالَ لِإسقاطِ الشُّفعةِ بعدَ وُجوبِها مَكروهٌ، وإنَّما الخِلافُ فيما قبلَ الوُجوبِ، فقياسُه أنْ يَكونَ في الزَّكاةِ مَكروهًا أيضًا والأشبَهُ أنْ يَكونَ أبو يُوسُفَ رجَع عن ذلك فإنَّه قال في «كِتابِ الخَراجِ» بعدَ إيرادِ حَديثِ: «لا يُفرقُ بينَ مُجتمِعٍ» ولا يَحلُّ لِرَجلٍ يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ مَنعُ الصَّدقةِ ولا إخراجُها عن مِلكِه لِمِلكِ غَيرِه؛ لِيُفرِّقَها بذلك فتَبطُلَ الصَّدقةُ عنها بأنْ يَصيرَ لكلِّ واحِدٍ منهما ما لا تَجِبُ فيه الزَّكاةُ، ولا يُحتالُ في إبطالِ الصَّدقةِ بوَجهٍ. انتهى. ونقَل أبو حَفصٍ الكَبيرُ راوي «كِتابِ الحِيلِ» عن مُحمدِ بنِ الحَسنِ أنَّ مُحمدًا =