للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الدَّرديرُ في «الشَّرح الكَبير»: «وهو -أي: الماءُ المُطلَقُ- ما صدَقَ عليه اسمُ ماءٍ بلا قَيدٍ، وإنْ جُمعَ من نَدًى أو ذابَ، أي: تميَّعَ بعدَ جُمودِه كالثَّلجِ، وهو ما يَنزلُ مائِعًا ثم يَجمُدُ على الأرضِ» (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : الذائِبُ من الثَّلجِ والبَرَدِ طَهورٌ؛ لأنَّه ماءٌ نزَلَ من السَّماءِ، وفي دُعاءِ النَّبيِّ : «اللَّهمَّ طَهرْني بالمَاءِ والثَّلجِ والبَردِ» مُتَّفقٌ عليه؛ فإنْ أخَذَ الثَّلجَ فأمَرَّه على أَعضائِه لم تَحصُلِ الطَّهارةُ به، ولو انبَلَّ به العُضوُ؛ لأنَّ الواجِبَ الغُسلُ، وأقَلُّ ذلك أنْ يَجريَ الماءُ على العُضوِ، إلا أنْ يَكونَ خَفيفًا فيَذوبَ ويَجريَ ماؤُه على الأَعضاءِ، فيَحصُلَ به الغُسلُ فيُجزئَه (٢).

القَولُ الثاني: ذهَبَ الإمامُ أبو يُوسفَ من الحَنفيةِ إلى جَوازِ التَّطهُّرِ به مُطلقًا وإنْ لم يَتقاطَرْ (٣).

والقَولُ الثالِثُ: فرَّقَ الشافِعيةُ بينَ سَيلِ الثَّلجِ على العُضوِ لشِدةِ حَرٍّ وحَرارةِ الجِسمِ ورَخاوةِ الثَّلجِ، وبينَ عَدمِ سَيلِه، فإنْ سالَ على العُضوِ صَحَّ الوُضوءُ على الصَّحيحِ، لحُصولِ جَريانِ الماءِ على العُضوِ، وقيلَ: لا يَصحُّ؛ لأنَّه لا يُسمَّى غُسلًا، حَكاه جَماعةٌ منهم الماوَرديُّ صاحِبُ الحاوي والدارِميُّ.


(١) «الشرح الكبير» (١/ ٥٦، ٥٧)، و «مختصر خليل» (١/ ٨)، و «مواهب الجليل» (١/ ٥١).
(٢) «المغني مع الشرح» (١/ ٤٣).
(٣) «البناية شرح الهداية» (١/ ٣٣٦)، و «البحر الرائق» (١/ ٧١)، و «حاشية ابن عابدين» (١/ ٣٢٤)، و «حاشية الطحطاوي» (١/ ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>