للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجَوهَرُهما يَقتَضي وُجوبَ الزَّكاةِ وصُورَتُهما تَقتَضي إِسقاطَها؛ إذْ صارَ بالصِّياغةِ كالعُروضِ (١).

قال الإمامُ التَّنوخيُّ : (بعضُ حِكمِها وأَسرارِها):

وقد عدَلَت الشَّريعةُ فيها بينَ أربابِ المالِ والمَساكينِ، فلم تُعلِّقْها بغيرِ النامي من المالِ. ولِهذا تَعلَّقت بثَلاثةِ أنواعٍ: النَّماءِ المَحضِ، وهو النَّباتُ والمَعدِنُ. وما يَنمو بطَبعِه، وهي الماشيةُ. وما هو مُعَدٌّ لِلنَّماءِ، وهو العَينُ؛ الذَّهبُ والفِضةُ. وأسقطَتْها من العُروضِ إلا أنْ يَقصِدَ بها التِّجارةَ فتَكونَ رِاجِعةً إلى حُكمِ العَينِ؛ لأنَّ نَماءَ هذا النَّوعِ يَصرِفُه في العُروضِ، ولا شَكَّ أنَّ ما هو نَماءٌ في نَفسِه لا يَفتقِرُ إلى ضَربِ الحَولِ بل تَجبُ الزَّكاةُ عندَ حُصولِه. وما يَنمو بطَبِعه أو بالتَّحريكِ لا يَحصُلُ فيه كَمالُ النَّماءِ المَقصودِ إلا بعدَ أنْ يَحولَ عليه الحَولُ، ولِهذا ضرَبَت الشَّريعةُ الأحوالَ لِلعَينِ والماشيةِ، وأوجَبَت زَكاةَ المَعدِنِ والنَّباتِ عندَ حُصولِها (٢).

ثانيًا: أَقوالُ الشافِعيةِ:

لم أجِدْ أحدًا من فُقهاءِ الشافِعيةِ نَصَّ على أنَّ النَّماءَ شَرطٌ لوُجوبِ الزَّكاةِ، وإنَّما قالوا: إنَّ الزَّكاةَ تَجبُ في المالِ؛ لأنَّه نامٍ، وإذا نَفَوا وُجوبَ الزَّكاةِ عن شَيءٍ، قالوا: لا تَجبُ الزَّكاةُ في كذا، والسَّببُ أنَّه غيرُ نامٍ، أو لم يُعدَّ لِلنَّماءِ.


(١) «عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة» (١/ ٢٢٤).
(٢) «التنبيه على مبادئ التوجيه» (٢/ ٧٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>