للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ الحَفيدُ : وذلك أنَّ الجُمهورَ على أنَّه لا زَكاةَ في الخَيلِ، فذهَبَ أبو حَنيفةَ إلى أنَّها إذا كانَت سائِمةً وقُصدَ بها النَّسلُ أنَّ فيها الزَّكاةَ، أعني: إذا كانَت ذُكرانًا وإناثًا.

والسَّببُ في اختِلافِهم: مُعارَضةُ القياسِ لِلَّفظِ، وما يُظَنُّ من مُعارَضةِ اللَّفظِ لِلَّفظِ فيها. أمَّا اللَّفظُ الذي يَقتَضي أنَّه لا زَكاةَ فيها فقَولُه : «ليسَ على المُسلمِ في عبْدِه ولا فرَسِه صَدقةٌ» (١)، وأمَّا القياسُ الذي عارَض هذا العُمومَ: فهو أنَّ الخَيلَ السائِمةَ حَيوانٌ مَقصودٌ به النَّماءُ والنَّسلُ، فأشبَهَ الإبلَ والبَقرَ (٢).

قال الشَّيخُ الزَّرقانيُّ في زَكاةِ عُروضِ الاحتِكارِ: تَنبيهٌ: قالَ ابنُ بَشيرٍ: وإنْ أقامَت عُروضُ الاحتِكارِ أَحوالًا لم تَجبْ عليه إلا زَكاةٌ واحِدةٌ؛ لأنَّ الزَّكاةَ كما يُفهَمُ من الشَّريعةِ مُتعلِّقةٌ بالنَّماءِ أو بالعِيرِ لا بالعُروضِ، فإذا أَقامَت أَحوالًا ثم بِيعَتْ لم يَحصُلْ فيها النَّماءُ إلا مَرةً واحِدةً فلا تَجبُ الزَّكاةُ إلا مَرةً واحِدةً ولا يَجوزُ أنْ يَتطوَّعَ بالإِخراجِ قبلَ البَيعِ فإنْ فعَلَ يُجزئُه، قَولانِ، والمَشهورُ عَدمُ الإِجزاءِ؛ لأنَّ الزَّكاةَ لم تَجبْ بعدُ، وكذلك القَولانِ عندَنا في إِخراجِ زَكاةِ الدَّينِ قبلَ قَبضِه، المَشهورُ المَنعُ لِما قُلناه (٣).


(١) رواه البخاري (١٣٩٤)، ومسلم (٢٨٦).
(٢) «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» (١/ ١٨٣).
(٣) «شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني» (٢/ ٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>