للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قالَ: قَولُه: (لِعَدمِ النُّموِّ) عِلَّةٌ لقَولِه: ولا في مالٍ مَفقودٍ، إلخ، أفادَ به من مُحتَرزاتِ قَولِه: نامٍ ولو تَقديرًا؛ لأنَّه غيرُ مُتمكِّنٍ من الزِّيادةِ لعَدمِ كَونِه في يَدِه أو يَدِ نائِبِه (١).

وجاءَ في «دُرَر الحُكَّام شَرح غُرَر الأَحكام»: (وشَرطُ وُجوبِها العَقلُ والبُلوغُ)؛ إذ لا تَكليفَ بدونهما (والإِسلامُ)؛ لأنَّه شَرطٌ لصِحَّةِ العِباداتِ كلِّها (والحرِّيةُ)؛ لِيَتحقَّقَ التَّمليكُ؛ لأنَّ الرَّقيقَ لا يَملِكُ فيُملَكُ.

(وسَببُه) أي: سَببُ وُجوبِها (المِلكُ التامُّ) بألَّا يَكونَ يَدًا فقط كما في مالِ المُكاتَبِ، فإنَّه مِلكُ المَولى حَقيقةً، وقد تَقرَّرَ في كُتبِ الأُصولِ أنَّ سَببَ وُجوبِها المِلكُ المَذكورُ، وإنْ عَدَّه في الكَنزِ شَرطًا لوُجوبِها (لنِصابٍ) اعتبَر النِّصابَ؛ لأنَّه قدَّر السَّببَ به (فارغٍ عن الدَّينِ) المُرادُ به دَينٌ له مُطالِبٌ من جِهةِ العِبادِ، حتى لا يَمنَعَ دَينُ النَّذرِ والكَفَّارةِ ويَمنَعَ دَينُ الزَّكاةِ حالَ بَقاءِ النِّصابِ، وكذا بعدَ الاستِهلاكِ؛ لأنَّ الإمامَ يُطالِبُه في الأَموالِ الظاهِرةِ ونُوابُه في الأَموالِ الباطِنةِ وهُم المُلَّاكُ، فإنَّ الإمامَ كانَ يَأخذُها إلى زَمنِ عُثمانَ ، وهو فوَّضَها إلى أَربابِها في الأَموالِ الباطِنةِ قَطعًا لِطَمعِ الظَّلمةِ فيها، فكانَ ذلك تَوكيلًا منه لِأربابها ولا فَرقَ بينَ أنْ يَكونَ الدَّينُ بطَريقِ الأَصالةِ أو الكَفالةِ، ذكَرَه الزَّيلَعيُّ وغَيرُه، وقد ضمَّ صَدرُ الشَّريعةِ الزَّكاةَ إلى النَّذرِ والكَفارةِ، وهو مُخالِفٌ للهِدايةِ وغيرِه، فكأنَّه سَهوٌ من الناسِخِ الأولِ (و) عن (الحاجةِ الأصليَّةِ) كدُورِ السُّكنى


(١) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>