للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على سَببِه بقَولِه: (فلا زَكاةَ على مُكاتَبٍ … وما أُخذَ مُصادَرةً) أي: ظُلمًا (ثم وصَل إليه بعدَ سِنينَ) لعَدمِ النُّموِّ (١).

قال ابنُ عابدِين في «حاشيَتِه»: مَطلَبٌ: الفَرقُ بينَ السَّببِ والشَّرطِ والعِلةِ:

ثم اعلَمْ أنَّ هذا جعَلَه في الكَنزِ شَرطًا، واعتَرضَه في الدُّررِ بأنَّه سَببٌ، وأجابَ عنه في البَحرِ بأنَّه أطلَقَ على السَّببِ اسمَ الشَّرطِ لِاشتِراكِهما في أنَّ كلًّا منهما يُضافُ إليه الوُجودُ، لا على وَجهِ التأثيرِ، فَخرجَ العِلَّة، ويَتميَّزُ السَّببُ عن الشَّرطِ بإضافةِ الوُجوبِ إليه أيضًا دونَ الشَّرطِ، كما عُرفَ في الأُصولِ.

أقولُ: ولا حاجةَ إلى ذلك؛ فقد ذُكرَ في «البَدائع» من الشُّروطِ المِلكُ المُطلَقُ. قالَ: وهو المِلكُ يَدًا ورَقبةً، وقالَ: إنَّ السَّببَ هو المالُ؛ لأنَّها وجَبَت شُكرًا لِنِعمةِ المالِ؛ لذا تُضافُ إليه، يُقالُ: زَكاةُ المالِ، والإضافةُ في مِثلِه لِلسَّبَبيةِ كصَلاةِ الظُّهرِ وصَومِ الشَّهرِ وحَجِّ البَيتِ. وعليه فمِلكُ النِّصابِ حيثُ جُعلَ شَرطًا، كما في عِبارةِ الكَنزِ يَكونُ مِنْ إِضافةِ المَصدرِ إلى مَفعولِه، وحيث جُعلَ سَببًا، كما في عِبارةِ المُصنِّفِ يَكونُ من إضافةِ الصِّفةِ إلى المَوصوفِ، أي: النِّصابِ المَملوكِ، وبه عُلمَ أنَّه لا يَصحُّ تَفسيرُ عِبارةِ الكَنزِ بهذا خِلافًا لِما فعَلَه في النَّهرِ لِئلَّا يَحتاجَ إلى الجَوابِ بما مَرَّ عن البَحرِ، وأنَّه لا يَصحُّ تَفسيرُ عِبارةِ المُصنِّفِ بما فسَّرْنا به عِبارةَ الكَنزِ، فافهَمْ (٢).


(١) «الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجامع البحار» (٢/ ٢٦٦).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>