للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمامُ النَّوويُّ : هذا الحَديثُ أصلٌ في أنَّ أَموالَ القِنيةِ لا زَكاةَ فيها (١).

ولم يَفرِضِ النَّبيُّ الزَّكاةَ إلا في الأَموالِ الناميةِ المُغِلَّةِ التي تَدِرُّ على صاحِبِها؛ لأنَّها شُرِعت للمُواساةِ، ولا تَكونُ المُواساةُ إلا فيما له نَماءٌ من الأَموالِ، فمِن ذلك ما يَنمو بنَفسِه كالماشيةِ والحَرثِ وما يَنمو بتَغيُّرِ عَينِه والتَّصرُّفِ فيه كالعَينِ -الذَّهبِ والفِضةِ- فلا يُشتَرطُ فيها النَّماءُ بالفِعلِ؛ لأنَّهما لِلنَّماءِ خِلقةٌ، فتَجبُ الزَّكاةُ فيهما، سَواءٌ نَوى التِّجارةَ أو لم يَنْوِ أصلًا، أو نَوى النَّفقةَ.

ولم تَجبْ فيما لا يَقبلُ ذلك من المَساكِنِ والأَثاثِ والمُمتَلكاتِ التي هي لِلاستِعمالِ الخاصِّ؛ للحَديثِ السابِقِ.

وفَقدُ النَّماءِ سَببٌ آخَرُ في عَدمِ وُجوبِ الزَّكاةِ في أَموالِ الضِّمارِ؛ لأنَّه لا نَماءَ إلا بالقُدرةِ على التَّصرُّفِ، ومالُ الضِّمارِ لا قُدرةَ عليه.

من خِلالِ الاستِقراءِ والتَّتبُّعِ في كُتُبِ الفُقهاءِ في جَميعِ المَذاهبِ الفِقهيَّةِ لم نَرَ أحدًا من الفُقهاءِ علَّلَ وُجوبَ الزَّكاةِ بغيرِ النَّماءِ، والمَقصودُ بالنَّماءِ: أنْ يَكونَ المالُ ناميًا، أي: قابلًا لِلنَّماءِ حَقيقةً أو تَقديرًا، والأَموالُ الناميةُ حَقيقةً ثَلاثةُ أَصنافٍ: الماشيةُ المُتناسِلةُ السائِمةُ، والزُّروعُ، والتِّجارةُ.

والقابِلةُ لِلنَّماءِ هي الدَّراهمُ والدَّنانيرُ (٢).


(١) «شرح صحيح مسلم» (٧/ ٥٥).
(٢) «البحر الرائق شرح كنز الدقائق» (٢/ ٢٢٢)، و «حاشية رد المختار على الدر المختار» (٢/ ٢٦٣)، و «حجة الله البالغة» (٢/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>