للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشافِعيُّ: وإذا كانَ لرَجلٍ على رَجلٍ دَينٌ فحالَ عليه حَولٌ ورَبُّ المالِ يَقدِرُ على أخذِه منه بحُضورِ رَبِّ الدَّينِ ومَلائِه وأنَّه لا يَجحَدُه ولا يَضطَرُّه إلى عَدوى فعليه أنْ يَأخذَه منه أو زَكاتَه، كما يَكونُ ذلك عليه في الوَديعةِ هكذا، وإنْ كانَ رَبُّ المالِ غائبًا، أو حاضرًا لا يَقدِرُ على أخذِه منه إلا بخَوفٍ أو بفَلَسٍ له إنِ استَعدى عليه، وكان الذي عليه الدَّينُ غائبًا حُسبَ ما احتبَسَ عندَه حتى يُمكِنَه أنْ يَقبِضَه، فإذا قبَضَه أدَّى زَكاتَه لِما مَرَّ عليه من السِّنينَ لا يَسعُه غيرُ ذلك، وهكذا الماشيةُ تَكونُ للرَّجلِ غائبةً لا يَقدِرُ عليها بنَفسِه، ولا يُقدَرُ له عليها، وهكذا الوَديعةُ والمالُ يَدفِنُه فيَنسَى مَوضعَه لا يَختلِفُ في شَيءٍ (١).

وقالَ العَمرانيُّ : فإنْ كانَ الدَّينُ حالًّا على مَليءٍ باذِلٍ له -أي: وقتَ طُولِبَ به- فهذا يَجبُ على مالِكِه إِخراجُ الزَّكاةِ عنه عندَ تَمامِ كلِّ حَولٍ إنْ كانَ نِصابًا؛ لأنَّ هذا كالمالِ المُودَعِ (٢).

وقالَ الحَنابِلةُ: تَجبُ الزَّكاةُ في مالٍ مُودَعٍ بشَرطِه كغيرِه؛ لأنَّها بمَنزِلةِ ما في يَدِه؛ لأنَّ المُستودَعَ نائِبٌ عنه في حِفظِه ويَدُه كيَدِه، وليسَ للمُودَعِ إِخراجُ الزَّكاةِ منه بغيرِ إذْنِ مالِكِها؛ لأنَّه افتِياتٌ عليه (٣).


(١) «الأم» (٢/ ٥١).
(٢) «البيان» (٣/ ٢٩١).
(٣) «المغني» (٤/ ٢٤)، و «كشاف القناع» (٢/ ٢٠١، ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>