للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَولُ الثالِثُ: أنَّ الدَّينَ إذا كانَ على مَدينٍ مُفلِسٍ أو جاحِدٍ له أو مُماطِلٍ أو غاصِبٍ فإنَّ الزَّكاةَ واجِبةٌ عليه إذا قبَضَ المالَ لِعامٍ واحِدٍ فقط، وإنْ مكَثَ عندَ المَدينِ أعوامًا، وهو مَذهبُ المالِكيةِ في المَشهورِ وعمرَ بنِ عبدِ العَزيزِ وعَطاءٍ والحَسنِ والأَوزاعيِّ وأحمدَ في رِوايةٍ (١).

قال المالِكيةُ: المالُ الضائِعُ ونَحوُه كالمَغصوبِ والمَسروقِ والمَدفونِ في صَحراءَ أو غيرِها إذا ضَلَّ صاحِبُه عنه أو كانَ بمحَلٍّ لا يُحاطُ به فلا زَكاةَ على رَبِّها لعَجزِه عن تَنميتِها، فإذا أخَذَها من الغاصِبِ أو المَسروقِ أو وجَدها فالمَشهورُ أنَّه يُزكِّيها لِعامٍ واحِدٍ ساعةَ يَقبِضُها، يُريدُ ولو رَدَّها الغاصِبُ مع رِبحِها؛ لأنَّها حينَئذٍ كدَينِ القَرضِ؛ لأنَّه يُزكِّيه غيرُ المَدينِ إذا قبَضَه زَكاةً واحِدةً لِما مَضى من الأَعوامِ (٢).

قال الإمامُ مالِكٌ في «مُوَطَّئِه»: بابُ الزَّكاةِ في الدَّينِ:

وحدَّثَني عن مالِكٍ عن أيُّوبَ بنِ أَبي تَميمةَ السِّختيانِيِّ أنَّ عُمرَ بنَ عبدِ العَزيزِ كتَبَ في مالٍ قبَضَه بعضُ الوُلاةِ ظُلمًا يَأمرُ برَدِّه إلى أهلِه ويُؤخَذُ زَكاتُه لِما مَضى من السِّنينَ، ثم عقَّبَ بعدَ ذلك بكِتابٍ: ألَّا يُؤخَذَ منه إلا زَكاةٌ واحِدةٌ فإنَّه كانَ ضِمارًا.

قال مالِكٌ: الأمْرُ الذي لا اختِلافَ فيه عِندَنا في الدَّينِ أنَّ صاحِبَه لا يُزكِّيه حتى يَقبِضَه، وإنْ أقامَ عندَ الذي هو عليه سِنينَ ذواتَ عَددٍ ثم قبَضَه


(١) «المغني» (٤/ ٢٣)، و «الإنصاف» (٣/ ١٨).
(٢) «شرح مختصر خليل» (٢/ ١٨٠)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٤٥، ٤٦)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٣/ ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>