للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصارَ الدَّينُ مَقدورًا الانتِفاعُ به في الجُملةِ، فكانَ أثَرُ التَّفليسِ في تأخيرِ المُطالَبةِ إلى وَقتِ اليَسارِ، فكانَ كالدَّينِ المُؤجَّلِ، فتَجبُ الزَّكاةُ فيه.

ولو دُفعَ إلى إِنسانٍ وَديعةُ ثم نسِيَ المُودِعُ فإنْ كانَ المَدفوعُ إليه مِنْ مَعارِفه فعليه الزَّكاةُ لِما مَضى إذا تَذكَّرَ؛ لأنَّ نِسيانَ المَعروفِ نادِرٌ، فكانَ طَريقُ الوُصولِ قائِمًا، وإنْ كانَ ممَّن لا يَعرِفُه فلا زَكاةَ عليه فيما مَضى؛ لتَعذُّرِ الوُصولِ إليه (١).

قال أبو عُمرَ بنُ عبدِ البَرِّ : أمَّا القياسُ فإنْ كلُّ ما استقَرَّ في ذمَّةِ غيرِ المالِكِ فهذا لا زَكاةَ على مالِكِه فيه، وكذلك الغَريمُ الجاحِدُ للدَّينِ وكلُّ ذي ذمَّةٍ؛ فإنَّه لا يَلزَمُ صاحِبَ المالِ أنْ يُزكِّيَ على ما في ذمَّةِ غيرِه غاصبًا كانَ له أو غيرَ غاصِبٍ.

وأمَّا ما كانَ مَدفونًا في مَوضعٍ يُصيبُه صاحِبُه أو غيرَ مَدفونٍ وليسَ في ذمَّةِ أحَدٍ أو كانَ لُقطةً فالواجِبُ عندِي على رَبِّه أنْ يُزكِّيَه إذا وجَدَه لِما مَضى من السِّنينَ فإنَّه على مِلكِه، وليسَ في ذمَّةِ غيرِه إلا أنْ يَكونَ المُلتقِطُ قد استَهلَكه وصارَ في ذمَّتِه.

وهذا قَولُ سحنُونٍ ومُحمدِ بنِ مَسلَمةَ والمُغيرةِ ورِوايةٌ عن ابنِ القاسِمِ (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٩، ١٠)، و «الهداية» (١/ ٩٧)، و «المحيط البرهاني» (٢/ ٥٣٤، ٥٣٥)، و «شرح فتح القدير» (٢/ ١٦٦، ١٦٧)، و «مجمع الأنهر» (١/ ٢٨٧)، و «الدر المختار» (٢/ ٢٦٦، ٢٦٧).
(٢) «الاستذكار» (٣/ ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>