قَولٍ، والحَنابِلةِ في رِوايةٍ وابنِ عبدِ البَرِّ وغَيرِه من المالِكيةِ وابنِ حَزمٍ، وهذا في الجُملةِ.
قال الحَنفيةُ: لا تَجبُ الزَّكاةُ في المالِ الضِّمارِ، وتَفسيرُ مالِ الضِّمارِ هو: كلُّ مالٍ غيرِ مَقدورٍ الانتِفاعُ به مع قيامِ أصلِ المِلكِ، ولكنْ زالَ عن يَدِه زَوالًا يُرجَى عَودُه في الأغلَبِ، كالعبدِ الآبِقِ والضالِّ، والمالِ المَفقودِ، والمالِ الساقِطِ في البَحرِ، والمالِ الذي أخذَه السُّلطانُ مُصادَرةً، والدَّينِ المَجحودِ إذا لم يَكنْ للمالِكِ بَينةٌ وحالَ الحَولُ ثم صارَ له بَينةٌ بأنْ أقَرَّ عندَ الناسِ، والمالِ المَدفونِ في الصَّحراءِ إذا خفِيَ على المالِكِ مَكانُه، فإنْ كانَ مَدفونًا في البَيتِ تَجبُ فيه الزَّكاةُ بالإِجماعِ.
لِما رُويَ عن علِيٍّ ﵁ مَوقوفًا عليه ومَرفوعًا إلى رَسولِ اللهِ ﷺ أنَّه قالَ:«لا زَكاةَ في مالِ الضِّمارِ»(١). وهو المالُ الذي لا يُنتفَعُ به مع قيامِ المِلكِ مَأخوذٌ من البَعيرِ الضامِرِ الذي لا يُنتفَعُ به لِشِدَّةِ هُزالِه مع كَونِه حَيًّا، وهذه الأَموالُ غيرُ مُنتفَعٍ بها في حَقِّ المالِكِ لعَدمِ وُصولِ يَدِه إليها، فكانَت ضِمارًا؛ ولأنَّ المالَ إذا لم يَكنْ مَقدورًا الانتِفاعُ به في حَقِّ المالِكِ لا يَكونُ المالِكُ به غَنيًّا ولا زَكاةَ على غيرِ الغَنيِّ بالحَديثِ.
ولأنَّ السَّببَ هو المالُ النامي، ولا نَماءَ إلا بالقُدرةِ على التَّصرُّفِ، ولا قُدرةَ عليه.
(١) لم أقِفْ عليه لا مَرفوعًا ولا مَوقوفًا، وقال الزيلعيُّ في «نصب الراية» (٢/ ٣٣٤): غَريبٌ، وقال الحافظُ ابنُ حجرٍ في الدراية في تخريج أحاديث «الهداية» (١/ ٢٤٩): لم أجِدْه عن عليٍّ.