للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك لأنَّه غيرُ نامٍ، فلم تَجبْ زَكاتُه كعُروضِ القِنيةِ.

قال الشافِعيُّ في القَديم -فيما نقَله الزَّعفرانيُّ عنه-: «ولا أعلمُ في وُجوبِ الزَّكاةِ في الدَّينِ خَبرًا يَثبُتُ، وعِندي: أنَّ الزَّكاةَ لا تَجبُ في الدَّينِ؛ لأنَّه غيرُ مَقدورٍ عليه، ولا مُعيَّنٍ» (١).

وجاء في «مَسائِلِ أحمدَ بنِ حَنبَلٍ» في رِوايةِ ابنِه عبدِ اللهِ قالَ: سمِعتُ أَبي يَقولُ: وكان الشافِعيُّ يَقولُ: ليسَ في الدَّينِ زَكاةٌ (٢) (٣).


(١) «البيان» (٣/ ٢٩١).
(٢) «مسائل أحمد بن حنبل» رواية ابنه عبد الله ص (١٥٧).
(٣) ويوجَدُ قَولٌ خامِسٌ في المَسألةِ وهو: أنَّ الزَّكاةَ واجبةٌ على الذي عليه الدَّينُ وتَسقُطُ عن رَبِّه المالِكِ له، رُوي ذلك عن ابنِ أبي ليلى وحَمَّادٍ و إبراهيمَ النَّخَعيِّ.
وقد حَكى هذا القَولَ أبو عُبَيدٍ القاسِمُ بنُ سَلامٍ فقال: والرابِعُ -أي: من الأقوال-: أنْ تَجِبَ زَكاتُه على الذي عليه الدَّينُ وتَسقُطَ عن رَبِّه المالِكِ له. «الأموال» (٥٢٦).
وقال الإمامُ أبو يُوسُفَ: وكان ابنُ أبي ليلى يَقولُ: زَكاةُ الدَّينِ على الذي هو عليه. اختلاف أبي حَنيفةَ وابنُ أبي ليلى ص (١٢٣).
وقال الإمامُ محمدُ بنُ نَصرٍ المَروزيُّ: وقد كان ابنُ أبي لَيلى وحَمَّادُ بنُ أبي سُليمانَ يَقولانِ: زَكاةُ الدَّينِ على الذي عليه الدين. «اختِلاف العُلماء» (١٢٢).
رَوى أبو عُبَيدٍ مُحمدُ بنُ كَثيرٍ عن حَمَّادِ بنِ سَلمةَ عن حَمَّادٍ عن إبراهيمَ قال: «إنَّما الزَّكاةُ على الذي يأكُلُ مَهناه» «الأموال» (١٢٤٩)، وابن زنجويه (١٧٩٢)، وابن حزم في «المحلى» (٦/ ١٠٠).
لكنَّ الإمامَ أئا عُبَيدٍ رواه عنه قبلَ ذلك بنَفسِ الإسنادِ عن مُحمدِ بنِ كَثيرٍ حَدَّثنا عن حَمَّادِ بنِ سَلمةَ عن حَمَّادٍ عن إبراهيمَ «في الدَّينِ الذي يَمطُلُه صاحِبُه ويَحبِسُه قال: زَكاتُه على الذي يأكُلُ مَهنأه» رواه أبو عبيد في «الأموال» (١٢٢٧). فهذا ليس داخِلًا في أقوالِ العُلماءِ؛ لأنَّ كَلامَنا هنا عن المَدينِ المَليءِ المُقِرِّ به غَيرِ المُماطِلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>