القَولُ الثالِثُ: أنَّ الزَّكاةَ واجِبةٌ عليه إذا قبَضَ المالَ لِعامٍ واحِدٍ فقط، وإنْ مكَثَ عندَ المَدينِ أَعوامًا وهو مَذهبُ المالِكيةِ وعمرَ بنِ عبدِ العَزيزِ، ورُويَ ذلك عن سَعيدِ بنِ المُسيِّبِ وعَطاءِ بنِ أَبي رَباحٍ وعَطاءٍ الخُراسانِيِّ وأبي الزِّنادِ وهي رِوايةٌ عن أحمدَ (١).
قالوا: الزَّكاةُ تَجبُ عليه بعدَ قَبضِه عن سَنةٍ واحِدةٍ فقط، وإنْ أقامَ عندَ المَدينِ أَعوامًا من يَومِ مِلكِ الأصلِ، أو مِنْ يَومِ تَزكيتِه عندَما كانَ بيَدِه؛ لأنَّا لو أوجَبْنا عليه فيه الزَّكاةَ في كلِّ عامٍ، وهو بيَدِ غيرِه نَماؤُه له لَأدَّى ذلك إلى أنْ تَستهلِكَه الزَّكاةُ، ولِهذا الوَجهِ أبطَلنا الزَّكاةَ في أَموالِ القِنيةِ؛ لأنَّا لو أوجَبْنا فيها الزَّكاةَ لاستَهلَكتْها الزَّكاةُ، إنَّما هي على سَبيلِ المُواساةِ في الأَموالِ التي تُمكِنُ تَنميتُها فلا تُفِيتُها الزَّكاةُ في الأغلَبِ.
ومَحلُّ تَزكيتِه لسَنةٍ فقط، إذا لم يُؤخِّرْه فِرارًا من الزَّكاةِ، فإنْ أخَّرَه فِرارًا من الزَّكاةِ زَكَّاه لكلِّ عامٍ مضى.
قال الإمامُ مالِكٌ ﵀ في «مُوطَّئِه»: بابُ الزَّكاةِ في الدَّينِ:
حدَّثَني يَحيى عن مالِكٍ عن ابنِ شِهابٍ عن السائِبِ بنِ يَزيدَ أنَّ عُثمانَ ابنَ عَفانَ كانَ يَقولُ:«هذا شَهرُ زَكاتِكم، فمَن كانَ عليه دَينٌ فليُؤدِّ دَينَه حتى تُحصَّلَ أَموالُكم فتُؤدوا منه الزَّكاةَ».
وحدَّثَني عن مالِكٍ عن أيُّوبَ بنِ أَبي تَميمةَ السَّختيانِيِّ أنَّ عُمرَ بنَ عبدِ العَزيزِ كتَبَ في مالٍ قبَضَه بعضُ الوُلاةِ ظُلمًا يَأمرُ برَدِّه إلى أهلِه ويُؤخَذُ