للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقتضيه فما فوقَ ذلك إلى مَعرِفةِ ما غابَ عنه من السِّنينَ والشُّهورِ والأيامِ، ثم يُخرِجُ مِنْ زَكاتِه بحِسابِ ما يُصيبُه وفي أقَلَّ من هذا ما تَكونُ المَلالةُ والتَّفريطُ، فلِهذا أَخذوا له بالاحتياطِ، فقالوا: يُزكِّيه مع جُملةِ مالِه في رأسِ الحَولِ، وهو عِندي وَجهُ الأمرِ، فإنْ أطلَقَ ذلك الوَجهَ الآخَرَ مُطيقٌ حتى لا يَشِذَّ عليه منه شَيءٌ واسِعٌ له إنْ شاءَ اللهُ، وهذا كلُّه في الدَّينِ المَرجُوِّ الذي يَكونُ على الثِّقاتِ (١).

وقالَ الإمامُ الشافِعيُّ : وإذا كانَ الدَّينُ لرَجلٍ غائِبٍ عنه فهو كما تَكونُ التِّجارةُ له غائبةً عنه، والوَديعةُ، وفي كلٍّ زَكاةٌ.

قال: وإذا سَنَّ رَسولُ اللهِ الزَّكاةَ في الحَولِ لم يَجزْ أنْ يَجعلَ زَكاةَ مالِه إلا في حَولٍ؛ لأنَّ المالَ لا يَعدو أنْ يَكونَ فيه زَكاةٌ، وألَّا يَكونَ إلا كما سَنَّ رَسولُ اللهِ ، أو ألَّا يَكونَ فيه زَكاةٌ، فيَكونَ كالمالِ المُستفادِ.

قال الشافِعيُّ: وإذا كانَ لرَجلٍ على رَجلٍ دَينٌ فحالَ عليه حَولٌ ورَبُّ المالِ يَقدِرُ على أخذِه منه بحُضورِ رَبِّ الدَّينِ ومَلائِه، وأنَّه لا يَجحَدُه ولا يَضطَرُّه إلى عَدوى، فعليه أنْ يَأخذَه منه، أو زَكاتُه كما يَكونُ ذلك عليه في الوَديعةِ هكذا، وإنْ كانَ رَبُّ المالِ غائبًا، أو حاضِرًا لا يَقدرُ على أخذِه منه إلا بخَوفٍ، أو بفَلَسٍ له إنِ استَعدى عليه، وكان الذي عليه الدَّينُ غائِبًا حَسبَما احتُبِسَ عندَه حتى يُمكِنَه أنْ يَقبِضَه، فإذا قبَضَه أدَّى زَكاتَه لِما مَرَّ


(١) «الأموال» (٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>