للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَنةً بُنيَ حُكمُ الزَّكاةِ على أنَّ المُلتقِطَ هل يَملِكُ اللُّقطةَ بمُضيِّ سَنةِ التَّعريفِ أو باختيارِ التَّملُّكِ أو بالتَّصرُّفِ، وفيه خِلافٌ مَعروفٌ في بابِه، فإنْ قُلنا: يَملِكُ بانقِضائِها فلا زَكاةَ على المالِكِ، وفي وُجوبِها على المُلتقِطِ وَجهانِ، وإنْ قُلنا: يَملِكُ باختيارِ التَّملُّكِ، وهو المَذهبُ، نُظِرَ إنْ لم يَتملَّكْها فهي باقيةٌ على مِلكِ المالِكِ، وفي وُجوبِ الزَّكاةِ عليه طَريقانِ، أصَحُّهما عندَ الأَصحابِ أنَّه على القَولَينِ كالسَّنةِ الأُولى.

والثاني: لا زَكاةَ قَطعًا لِتَسلُّطِ المُلتقِطِ على تَملُّكِها، وأمَّا إذا تَملَّكها المُلتقِطُ فلا تَجبُ زَكاتُها على المالِكِ لِخُروجِها عن مِلكِه، ولكنَّه يَستحِقُّ قيمَتَها في ذِمَّةِ المُلتقِطِ، ففي وُجوبِ زَكاةِ القيمةِ عليه خِلافٌ من وَجهَينِ:

أحدُهما: كَونُها دَينًا.

والآخَرُ: كَونُها مالًا ضائِعًا، ثم المُلتقِطُ مَدينٌ بالقيمةِ، فإنْ لم يَملِكْ غَيرَها ففي وُجوبِ الزَّكاةِ عليه الخِلافُ الذي سنذكُرُه إنْ شاء اللهُ تعالى: أنَّ الدَّينَ هل يَمنَعُ وُجوبَ الزَّكاةِ أو لا؟ وإنْ ملَكَ غَيرَها شَيئًا يَفي بالزَّكاةِ فوَجهانِ مَشهورانِ: الصَّحيحُ باتِّفاقِ الأَصحابِ وُجوبُ الزَّكاةِ إذا مَضى عليه حَولٌ من حينِ ملَك اللُّقطةَ؛ لأنَّه مِلكٌ مَضى عليه حَولٌ في يَدِ مالِكِه، والثاني: لا تَجبُ لضَعفِه لتَوقُّعِ مَجيءِ المالِكِ، قالَ أَصحابُنا: هُما مَبنيَّانِ على أنَّ المالِكَ إذا ظفِرَ باللُّقطةِ بعدَ أنْ تَملَّكها المُلتقِطُ هل له الرُّجوعُ في عَينِها أو ليسَ له إلا القيمةُ؟ فيه وَجهانِ مَشهورانِ؟ فإنْ قُلنا: يَرجعُ في عَينِها فمِلكُ المُلتقِطِ ضَعيفٌ لعَدمِ استِقرارِه، فلا زَكاةَ وإلا وجَبَت، أمَّا إذا قُلنا: لا يَملِكُ المُلتقِطُ إلا بالتَّصرُّفِ فلم يَتصرَّفْ كما إذا لم يَتملَّكْ، وقُلنا: لا يَملِكُ إلا به، واللهُ أعلمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>