للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد عبَّرَ الكاسانِيُّ عن المِلكِ التامِّ بالمِلكِ المُطلَقِ، فقالَ: ومنها المِلكُ المُطلَقُ، وهو أنْ يَكونَ مَملوكًا له رَقبةً ويَدًا، وهذا قَولُ أَصحابِنا الثَّلاثةِ.

وقالَ زُفَرُ: اليَدُ ليسَت بشَرطٍ، وهو قَولُ الشافِعيِّ فلا تَجبُ الزَّكاةُ في المالِ الضِّمارِ عندَنا خِلافًا لهما (١).

والمَفهومُ من قَولِ المالِكيةِ أنَّ المالَ الذي تَجبُ فيه زَكاةٌ يُشتَرطُ فيه أنْ يَكونَ مَملوكًا مِلكًا تامًّا والمِلكُ التامُّ عندَهم: مُركَّبٌ من أمرَينِ، هما: المِلكُ وتَمامُه، فلا زَكاةَ على غاصِبٍ ومُلتقِطٍ لعَدمِ المِلكِ، ولا على عبدٍ ومَدينٍ لعَدمِ تَمامِ المِلكِ (٢).

فالمَقصودُ بالمِلكِ التامِّ عندَهم أنْ يَكونَ الإِنسانُ صاحِبَ التَّصرُّفِ فيما ملَكَ.

وأمَّا الشافِعيةُ فالمِلكُ التامُّ عندَهم لا يُشتَرطُ أنْ يَكونَ المالِكُ قادرًا على التَّصرُّفِ فيه على الصَّحيحِ، بل يَكفي أنْ يَكونَ مَملوكًا له كالمَبيعِ قبلَ قَبضِه تَجبُ فيه الزَّكاةُ مع عَدمِ تَصرُّفِه فيه إلا بالقَبضِ (٣).

وقالَ الحَنابِلةُ: المِلكُ التامُّ عبارةٌ عمَّا كانَ بيَدِه لم يَتعلَّقْ به حَقُّ غيرِه، يَتصرَّفُ فيه على حَسَبِ اختيارِه، وفَوائِدُه حاصِلةٌ له (٤).


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٩).
(٢) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٤٤).
(٣) «كفاية الأخيار» (١٧٠).
(٤) «المبدع» (٢/ ٢٩٥)، و «كشاف القناع» (٢/ ١٩٦)، و «مطالب أولي النهى» (٢/ ١٤) قالَ ابنُ مُفلحٍ في «المُبدِع» (٢/ ٢٩٥): (الرابع: تَمامُ المِلكِ)؛ لأنَّ المِلكَ الناقِصَ ليس نِعمةً كامِلةً؛ وهي إنَّما تَجِبُ في مُقابَلتِها؛ إذِ المِلكُ التامُّ عِبارةٌ عما كان بيَدِه لم يَتعلَّقْ فيه حَقُّ غَيرِه، يَتصرَّفُ فيه على حَسَبِ اختيارِه، وفَوائِدُه حاصِلةٌ له، قاله أبو المَعالي.

<<  <  ج: ص:  >  >>