فحاصِلُ ما ذُكرَ أنَّ العَينَ المَوقوفةَ للسَّلفِ إذا لم يَتسلَّفْها أحَدٌ وجَبَ على الناظِرِ أو الواقِفِ زَكاتُها كلَّ عامٍ إنْ مرَّ لها حَولٌ من يَومِ مِلكِها أو زُكِّيت وكانَت نِصابًا بذاتِها أو بانضِمامِها لِما لم يُوقَفْ، وأمَّا إذا تَسلَّفها أحَدٌ وجَبَت زَكاتُها لِعامٍ بعدَ قَبضِها كغيرِها من الدُّيونِ ويَجبُ على المُتسلِّفِ زَكاتُها أيضًا كلَّ عامٍ إنْ كانَ عندَه ما يُجعَلُ في مُقابَلتِها وإذا اتَّجرَ فيها فربِحَ زَكَّى رِبحَها إنْ مَضى حَولٌ من يَومِ تَسلُّفِها ولو رَدَّها قبلَ أنْ يتِمَّ لرِبحِها حَولٌ.
فلو مكَثَ المالُ عندَه نِصفَ عامٍ ثم ربِحَ فيه ورَدَّ الأصلَ ثم بقِيَ الرِّبحُ عندَه النِّصفَ الثانِيَ فإنَّه يُزكِّي عندَ انقِضاءِ النِّصفِ الثاني؛ لأنَّه يَصدقُ عليه حينَئذٍ أنَّه مَرَّ حَولٌ من يَومِ تَسلَّفَها.
والحاصِلُ أنَّ حَولَ رِبحِها من السَّلفِ على ما سبَقَ، ولو ردَّ الأصلَ قبلَ عامٍ، وهذا بخِلافِ رِبحِ القِراضِ إذا رَدَّ العامِلُ رأسَ المالِ قبلَ السَّنةِ، فإنَّه يَستقبِلُ به حَولًا من يَومِ المُفاصَلةِ.
وكذلك مَنْ وقَفَ حَبًّا لِيُزرَعَ كلَّ عامٍ في أرضٍ مَملوكةٍ لِلواقِفِ أو مُستأجَرةٍ أو مَواتٍ فإنَّه يُزكِّيه ويُفرِّقُ ما زادَ على القَدْرِ المَوقوفِ، وأمَّا المَوقوفُ فيَبقى ليُزرَعَ كلَّ سَنةٍ ويُزكِّي الحَبَّ والثَّمرَ الخارجَ، وزَكاتُه مِنْ عَينِه إنْ كانَ فيه نِصابٌ، ولو بالضَّمِّ لحَبِّ الواقِفِ إنْ وُجدَ وإلا فلا زَكاةَ فالنِّصابُ المَذكورُ وزَكاتُه على مِلكِ الواقِفِ.
وكذلك مَنْ وقَفَ حَيوانًا من الأَنعامِ ليُفرِّقَ لبَنَه أو صُوفَه أو ليُحمَلَ عليه أو يُركَبَ أو ليُفرَّقَ نَسلُه، فإنَّ الجَميعَ يُزكِّي على مِلكِ الواقِفِ إنْ كانَ فيها نِصابٌ ولو بالانضِمامِ لِمالِه، ولا فَرقَ بينَ أنْ يَكونَ المَوقوفُ عليهم