والمالِكيةُ أوجَبوا فيها الزَّكاةَ سَواءٌ كانَت لمُعيَّنٍ أو غيرِ مُعيَّنٍ.
والشافِعيةُ والحَنابِلةُ فصَّلوا، فأوجَبوها على تَفصيلٍ عندَهم في المُعيَّنِ، ولم يُوجِبوها إذا كانَت وَقفًا على غيرِ مُعيَّنٍ.
قال الحَنفيةُ: من شُروطِ وُجوبِ الزَّكاةِ المِلكُ فلا تَجبُ الزَّكاةُ في سَوائمِ الوَقفِ والخَيلِ المُسبَّلةِ لعَدمِ المِلكِ، وهذا لأنَّ في الزَّكاةَ تَمليكًا، والتَّمليكُ في غيرِ المِلكِ لا يُتصوَّرُ (١).
وقالَ المالِكيةُ: تَجبُ الزَّكاةُ في المَوقوفِ، ولو على غيرِ مُعيَّنٍ كمساجِدَ، أو كالفُقراءِ أو بَني تَميمٍ؛ لأنَّ الوَقفَ -عندَهم- لا يُخرِجُه عن مِلكِ الواقِفِ.
فلو وقَفَ نُقودًا للسَّلفِ يَأخذُها المُحتاجُ ويَردُّ مِثلَها عندَ يَسارِه يُزكِّيها الواقِفُ؛ لأنَّها على مِلكِه، أو المُستَولي عليها -وهو الناظِرُ- منها فيُزكِّيها كلَّما مرَّ عليها حَولٌ من يَومِ مِلكِها، أو زَكَّاها إنْ كانَت نِصابًا، أو هي ولو بانضِمامِها لِمالِه إذ لم يُوقِفْ من مالِ الوَقفِ نِصابًا إذا وقَفَها لا يُسقِطُ زَكاتَها عليه منها كلَّ عامٍ؛ لبَقاءِ مِلكِ الواقِفِ تَقديرًا، وهذا إنْ لم يَتسلَّفها أحَدٌ، فإنْ تَسلَّفَها أحَدٌ زُكِّيت بعدَ قَبضِها منه لِعامٍ واحِدٍ، وإنْ مكَثت عندَه أَعوامًا.
ويُزكِّيها المُتسلِّفُ كلَّ عامٍ إنْ كانَ عندَه ما يَجعَلُه في الدَّينِ ويُزكِّي رِبحَها أيضًا إنِ اتَّجرَ فيها من يَومِ تَسلَّفها.
(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٣٩٧)، و «المبسوط» (٣/ ٥٢)، و «الجوهرة النيرة» (١/ ٤٥٥)، و «الدر المختار» (٢/ ٢٨١).