للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَولُ الحَربيِّ: إنَّه «وشُطرُ» بوَزنِ «شُغلُ» في غايةِ الفَسادِ ولا يَعرِفُه أحدٌ من أهلِ الحَديثِ، بل هو من التَّصحيفِ، وقَولُ ابنِ حبَّانَ: «لَولا حَديثُه هذا لَأدخَلناه في الثِّقاتِ» كَلامٌ ساقِطٌ جِدًّا؛ فإنَّه إذا لم يَكنْ لضَعفِه سَببٌ إلا رِوايتُه هذا الحَديثَ، وهذا الحَديثُ إنَّما رُدَّ لضَعفِه، كانَ هذا دَورًا باطِلًا، وليسَ في رِوايتِه لِهذا ما يُوجِبُ ضَعفَه؛ فإنَّه لم يُخالِفْ فيه الثِّقاتِ.

وهذا نَظيرُ رَدِّ مَنْ رَدَّ حَديثَ عبدِ المَلكِ بنِ أَبي سُلَيمانَ بحَديثِ جابِرٍ في شُفعةِ الجِوارِ، وضعَّفَه بكَونِه رَوى هذا الحَديثَ، وهذا غيرُ مُوجِبٍ للضَّعفِ بحالٍ، واللهُ أعلمُ (١).

وذهَبَ جُمهورُ العُلماءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ الجَديدِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ مانعَ الزَّكاةِ إذا أُخذَت منه قَهرًا لا يُؤخَذُ معها من مالِه شَيءٌ.

لِما رُوي مَرفوعًا: «ليسَ في المَالِ حَقٌّ سِوى الزَّكاةِ» (٢).

ولأنَّ العَربَ منَعَت الزَّكاةَ ولم يُنقَلْ أنَّ الصَّحابةَ أخَذوا منهم زيادةً عليها.

وقد أَجابوا عن حَديثِ: «فإنَّا آخِذوها وشطْرَ مالِه» بأنَّه مَنسوخٌ، وأنَّه كانَ حينَ كانَت العُقوبةُ بالمالِ. لكنْ رَدَّ على ذلك النَّوويُّ وشَيخُ الإِسلامِ وابنُ القَيمِ (٣).


(١) «حاشية ابن القيم على سنن أبي داود» (٤/ ٣١٨، ٣٢٠).
(٢) حَديثٌ ضَعيفٌ: رواه ابن ماجه (١٧٨٩)، وغيرُه.
(٣) انظر: «البحر الرائق» (٢/ ٢٢٧)، و «الحاوي الكبير» (٣/ ١٣٤)، و «حاشية العدوي» (١/ ٤٧٣)، و «الذخيرة» (٣/ ١٣٥)، و «المجموع» (٦/ ٤٧٢، ٤٧٣)، و «الكافي» (١/ ٢٧٨)، و «تفسير القرطبي» (٤/ ٢٦٠)، و «حاشية ابن القيم على سنن أبي داود» (٤/ ٣١٨، ٣٢٠)، و «الإنصاف» (٣/ ١٨٩، ١٩٠)، و «الفروع» (٢/ ٤١٤، ٤١٥)، و «المغني» (٣/ ٣٣٧)، و «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٣٨٤)، (٢٨/ ١١١، ١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>