للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالشَّامِ ماتَتْ وفي بَطنِها ولَدٌ مِنْ مُسلمٍ وهي نَصْرانِيةٌ، فأمَرَ عمرُ أَنْ تُدفَنَ مع المسلِمينَ مِنْ أَجلِ ولَدِها» (١).

وقيلَ: تُدفَنُ في مَقابرِ أهلِ دِينِها؛ لأنَّ الحَملَ لا حُكمَ له يُثبِتُ أَحكامَ الدُّنيا مِنْ غُسلِه والصَّلاةِ عليه وغيرِها، فلَم يَثبُتْ له شَيءٌ مِنْ أَحكامِ أَمواتِ المسلِمينَ فتَفرَّدَ بهذا الحُكمِ وَحدَه.

وهو المَذهبُ عندَ المالِكيةِ، وهناك وَجهٌ رابِعٌ مِنْ الشافِعيةِ بأنَّها تُدفَنُ على طَرفِ مَقابرِ المسلِمينَ، وهو قَولُ الآجُريِّ مِنْ الحَنابِلةِ.

واختَلفَ الصَّحابةُ في هذه المَسألةِ على ثَلاثةِ أَقوالٍ: قالَ بعضُهم: تُدفنُ في مَقابرِنا تَرجيحًا لِجانِبِ الوَلدِ، وقالَ بعضُهم: تُدفنُ في مَقابرِ المُشرِكينَ؛ لأنَّ الوَلدَ في حُكمِ جُزءٍ منها ما دامَ في بَطنِها.

وقالَ واثِلةُ: يُتَّخذُ لها مَقبَرةٌ على حِدةٍ، وهو ما أخَذَ به الجُمهورُ، كما سبَقَ.

وهو الأحوَطُ، كما ذكَرَه ابنُ عابدِين نَقلًا عن «الحِلية»، والظاهِرُ كما أفصَحَ به أنَّ المَسألةَ مُصوَّرةٌ فيما إذا نُفخَ فيه الرُّوحُ، وإلا دُفِنت في مَقابِرِ المُشرِكينَ (٢).


(١) رواه ابن أبي شيبة (٣/ ٣٨)، والبيهقي (٤/ ٥٨)، وضعفه النووي في «المجموع» (٦/ ٣٩١).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٢٠١)، و «المبسوط» (٢/ ٥٥، ١٠/ ١٩٩)، و «حاشية الطحطاوي» (١/ ٤١٩)، و «البدائع» (٢/ ٣١٥)، و «منح الجليل» (١/ ٥٣٣)، و «الحاوي الكبير» (٣/ ٦٢)، و «المجموع» (٦/ ٣٩١، ٣٩٢)، و «روضة الطالبين» (٢/ ١٣٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٨٧)، و «أحكام أهل الذمة» (١/ ٣٠٣)، و «المغني» (٣/ ٣٢٢)، و «الإنصاف» (٢/ ٥٥٧)، و «المبدع» (٢/ ٢٨٠)، والزركشي (١/ ٣٤٣)، و «مختصر الخرقي» (١/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>