للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ البَغويُّ والشَّيخُ أبو نَصرٍ البَندَنيجيُّ مِنْ العِراقيِّين: يُكرهُ نَقلُه.

وقالَ القاضِي حُسينٌ والدارِميُّ والمُتولِّي: يَحرُمُ نَقلُه، قالَ القاضِي حُسينٌ والمُتولِّي: ولو أَوصى بنَقلِه لَم تُنفَّذْ وَصيَّتُه، وهذا هو الأصَحُّ؛ لأنَّ الشَّرعَ أمَرَ بتَعجيلِ دَفنِه، وفي نَقلِه تأخيرُه، وفيه أيضًا انتِهاكُه مِنْ وُجوهٍ، وتَعرُّضُه للتَّغيُّرِ ولغيرِ ذلك، وقد صَحَّ عن جابِرٍ قالَ: «كُنَّا حمَلنا القَتلَى يَومَ أُحدٍ لنَدفِنَهُم، فجاءَ مُنادِي النَّبيِّ فقالَ: إِنَّ رَسولَ اللَّهِ يَأمرُكُم أنْ تَدْفِنوا القَتلَى في مَضاجعِهم، فرَدَدناهُم» (١) رَواه أبو داودَ والتِّرمذيُّ والنِّسائيُّ بأَسانيدَ صَحيحةٍ، قالَ التِّرمذيُّ: حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ. اه (٢).

أمَّا الحَنابِلةُ؛ فقالَ البُهوتيُّ منهم: ولا بأسَ بتَحويلِ الميِّتِ ونَقلِه إلى مَكانٍ آخَرَ بَعيدًا لِغَرضٍ صَحيحٍ، كبُقعةٍ شَريفةٍ، ومُجاورةِ صالِحٍ مع أمنِ التَّغيُّرِ؛ لِما في مُوطَّأِ مالِكٍ: أنَّه سمِع غيرَ واحِدٍ يَقولُ: «إنَّ سَعدَ بنَ أَبي وقَّاصٍ وسَعيدَ بنَ زَيدٍ مَاتا بالعَقيقِ فحُمِلا إلَى المَدينَةِ وَدُفِنا بها» (٣).

وقالَ سُفيانُ بنُ عُيَنيةَ: «ماتَ ابنُ عُمرَ ههنا، وأوصَى ألَّا يُدفَنَ ههنا،


(١) حَديثٌ صَحيحٌ: رواه أبو داود (٣١٦٥)، والترمذي (١٧٧)، والنسائي (٤/ ٧٩)، وابن ماجه (١٥١٦)، وغيرهم.
(٢) «المجموع» (٦/ ٤٢٢، ٤٢٣)، وانظر: «مغني المحتاج» (١/ ٣٦٦)، و «طرح التثريب» (٣/ ٢٧٩)، و «أسنى المطالب» (١/ ٣٢٤)، و «فتح الباري» (٣/ ٢٠٧، ٥/ ٣٦٨)، و «عمدة القاري» (٨/ ٥٦، ١٦٣)، و «الأوسط» (٥/ ٤٦٤)، و «شرح السنة» (٥/ ٤٦٦).
(٣) أخرجه مالك في «الموطأ» كتاب الجنائز (١/ ٢٣٢) الحديث (٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>