للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصَلَّى عليه، فكانَ فِيما ظهَرَ مِنْ صَلاتِه: اللَّهمَّ هذا عَبدُك، خرَجَ مُهاجِرًا في سَبيلِك، فقُتِلَ شَهِيدًا، أنا شَهِيدٌ على ذلك» (١).

ولِما رَوى عبدُ اللهِ بنُ الزُّبيرِ: «أنَّ رَسولَ اللَّهِ أمَرَ يَومَ أُحدٍ بحَمْزةَ فسُجِّيَ ببُردِه ثُم صلَّى عليه فكبَّرَ تِسعَ تَكْبيراتٍ، ثُم أَتى بِالقَتلَى يُصفُّونَ ويُصلَّى عليهم وعلَيه معَهم» (٢).

قالوا: ولأنَّ الصَّلاةَ على الميِّتِ لِإظهارِ كَرامَتِه، ولِهذا اختُصَّ بها المُسلِمونَ دونَ الكَفَرةِ، والشَّهيدُ أَوْلى بالكَرامةِ.

قال الكاسانِيُّ : وما ذُكرَ مِنْ حُصولِ الطَّهارةِ بالشَّهادةِ، فالعَبدُ وإنْ جَلَّ قَدْرُه لا يَستَغني عن الدُّعاءِ.

ألَا تَرى أنَّهم صَلَّوا على رَسولِ اللهِ ، ولا شَكَّ أنَّ دَرَجتَه فوقَ دَرجةِ الشُّهداءِ، وإنَّما وصَفَهم بالحَياةِ في حَقِّ أَحكامِ الآخِرةِ، ألَا تَرى إلى قَولِه : ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩)[آل عمران: ١٦٩]، فأمَّا في حَقِّ أَحكامِ الدُّنيا فالشَّهيدُ ميِّتٌ يُقسَّمُ مالُه، وتُنكَحُ امرأتُه بعدَ انقِضاءِ العدَّةِ، ووُجوبُ الصَّلاةِ عليه مِنْ أَحكامِ الدُّنيا، فكانَ ميِّتًا فيه، فيُصلَّى عليه، واللهُ أعلَمُ بالصَّوابِ، وإليه المَرجعُ والمآبُ (٣).


(١) حَديثٌ صَحيحٌ: رواه النسائي (١٩٥٣).
(٢) حَديثٌ حَسنٌ: أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (١/ ٥٠٣).
(٣) «بدائع الصنائع» (٢/ ٣٧٦)، وينظر: «مختصر اختلاف العلماء» للطحاوي (١/ ٣٩٦، ٣٩٧)، و «عمدة القاري» (٨/ ١٥٥)، و «المغني» (٣/ ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>