بجنازةٍ في المَسجدِ، وما صلَّى رَسولُ اللَّهِ ﷺ على سُهيلِ بنِ بَيضاءَ [وأَخيه] إلا في جَوفِ المَسجدِ» (١).
قال أبو عَمرِو بنُ عبدِ البَرِّ ﵀: فقد صحَّحَ ابنُ حَنبَلٍ السُّنةَ في الصَّلاةِ على الجَنائزِ في المَسجدِ، وقالَ بذلك، وهو قَولُ الشافِعيِّ وجُمهورِ أهلِ العِلمِ، وهي السُّنةُ المَعمولُ بها في الخَليفتَينِ بعدَ رَسولِ اللهِ ﷺ، صلَّى عمرُ على أَبي بَكرٍ الصِّديقِ في المَسجدِ، وصلَّى صُهَيبٌ على عمرَ في المَسجدِ بمَحضرِ كِبارِ الصَّحابةِ وصَدرِ السَّلَفِ مِنْ غيرِ نَكيرٍ، وما أعلَمُ مَنْ يُنْكِرُ ذلك إلا ابنَ أَبي ذِئبٍ.
ثم قالَ: ورُوِيت كَراهةُ ذلك عن ابنِ عَباسٍ مِنْ وُجوهٍ لا تَصحُّ ولا تَثبُتُ، وعن بعضِ أَصحابِ مالِكٍ، ورَواه عن مالِكٍ، وقد رُويَ عنه جَوازُ ذلك مِنْ رِوايةِ أهلِ المَدينةِ وغَيرِهم، وقد قالَ في المُعتكِفِ: لا يَخرجُ إلى جنازةٍ، فإنِ اتَّصلَتِ الصُّفوفُ به في المَسجدِ فلا يُصلِّي عليها مع الناسِ.
وقالَ عبدُ المَلكِ بنُ حَبيبٍ: إذا كانَ مُصلَّى الجَنائِزِ قَريبًا مِنْ المَسجدِ أو لاصِقًا به مِثلَ مُصلَّى الجَنائزِ بالمَدينةِ فإنَّه لاصِقٌ بالمَسجدِ مِنْ ناحيةِ الشَّرقِ فلا بأسَ أنْ تُوضعَ الجَنائزُ في المُصلَّى خارِجًا مِنْ المَسجدِ وتَمتَدَّ الصُّفوفُ بالناسِ في المَسجدِ، وكذلك قالَ مالِكٌ.
قال: وقالَ مالِكٌ: لا يُعجِبُني أنْ يُصلَّى على أحَدٍ في المَسجدِ، قالَ مالِكٌ: ولو فعَلَ ذلك فاعِلٌ ما كانَ ضَيِّقًا ولا مَكروهًا؛ فقد صلَّى رَسولُ اللهِ
(١) رواه مسلم (٩٧٣)، والزياداتُ له إلا الأوَّل فهي للبيهقي (٤/ ٥١).