للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إنَّهم اتَّفقوا على أنَّه يَجوزُ أنْ يُصليَ عليهم مُجتَمِعينَ أو فُرادَى، ثُمَّ اختَلفُوا أيُّهُما أفضَلُ:

فقال الحَنفيةُ: فالإمامُ إنْ شاءَ صلَّى على كلِّ واحِدةٍ على حِدةٍ، وإنْ شاءَ صلَّى على الكلِّ دُفعةً واحِدةً بالنِّيةِ على الجَميعِ، كذا في «مَعارج الدِّرايةِ» و «البَدائع»، وفي «الدُّرّ»: إفرادُ الصَّلاةِ على كلِّ واحِدةٍ أَولى مِنْ الجَمعِ؛ لأنَّ الجَمعَ مُختلَفٌ فيه، فإذا أفرَدَ يُصلِّي أوَّلًا على أفضَلِهم، ثم يُصلِّي على الذي يَليه في الفَضلِ إنْ لَم يَسبِقْه غَيرُه، ولا يُصلِّي على الأسبَقِ أوَّلًا، ولو كانَ مَفضولًا (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الإفرادَ أفضَلُ.

قال النَّوويُّ: واتَّفقوا على أنَّ الأفضَلَ أنْ يُفرِدَ كلَّ واحِدٍ منهم بصَلاةٍ، إلا صاحِبَ «التَّتمَّة» فجزَمَ بأنه الأفضَلُ أنْ يُصلِّيَ عليهم دُفعةً واحِدةً، قالَ: لأنَّ فيه تَعجيلَ الدَّفنِ، وهو مَأمورٌ به.

والمَذهبُ الأولُ؛ لأنَّه أكثَرُ عَملًا وأرْجى لِلقَبولِ، وليسَ هو تَأخيرًا كَثيرًا، وسَواءٌ فيما ذكَرْناه الذُّكورُ والإناثُ (٢).

وأمَّا الحَنابِلةُ فقالَ في «الإنصافِ»: جَمعُ المَوتى في الصَّلاةِ أفضَلُ مِنْ الصَّلاةِ عليهم مُنفَرِدينَ على الصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ، نَصَّ عليه، وقيلَ


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٣٥٠، ٣٥١)، و «الهندية» (١/ ١٦٢)، و «ابن عابدين» (٢/ ٢١٩).
(٢) «المجموع» (٦/ ٢٩٦، ٢٩٧)، و «الأم» (١/ ٢٧٥)، و «الحاوي الكبير» (٣/ ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>