للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافِعيةُ: إذا أَدركَ المَسبوقُ الإمامَ وقد سبَقَه ببَعضِ الصَّلاةِ، فإنَّه يُكبِّرُ في الحالِ ويَدخلُ معه في الصَّلاةِ، ولا يَنتظِرُ تَكبيرةَ الإمامِ المُستقبَليَّةَ؛ لقَولِه : «ما أَدرَكتُم فصَلُّوا، وما فاتَكُم فاقْضُوا» (١). فإذا كبَّرَ شرَعَ في قِراءةِ الفاتِحةِ، ثم يُراعي في بَقيَّةِ التَّكبيراتِ تَرتيبَ نَفسِه، لا ما يَقولُه الإمامُ؛ لأنَّه يُمكِنُه أنْ يأتِيَ بما يَقتَضيه تَرتيبُ الصَّلاةِ مع المُتابَعةِ، فإذا سلَّمَ أتى بما بقِيَ مِنْ التَّكبيراتِ نَسَقًا مِنْ غيرِ دُعاءٍ في أحَدِ القَولَينِ؛ لأنَّ الجنازةَ تُرفَعُ قبلَ أنْ يَفرُغَ فلا مَعنى للدُّعاءِ بعدَ غَيبةِ الميِّتِ، ويَدعو للميِّتِ ثم يُكبِّرُ ويُسلِّمُ في القَولِ الثانِي؛ لأنَّ غَيبةَ الميِّتِ لا تَمنَعُ مِنْ فِعلِ الصَّلاةِ، قالَ النَّوويُّ: وهذا أصَحُّهما (٢).

وقالَ الحَنابِلةُ: مَنْ سُبقَ ببَعضِ الصَّلاةِ كبَّرَ ودخَلَ مع الإمامِ حيثُ أدرَكَه، ولو بَينَ تَكبيرتَينِ نَدبًا كالصَّلاةِ، أو كانَ إِدراكُه بعدَ التَّكبيرةِ الرابِعةِ قبلَ السَّلامِ، فيُكبِّرُ لِلإحرامِ معه ويَقضي ثلاثَ تَكبيراتٍ استِحبابًا، فإنْ سلَّمَ ولَم يَقضِ فلا بأسَ؛ لأنَّ ابنَ عمرَ قالَ: «لا يَقضِ»، ولأنَّها تَكبيراتٌ مُتواليةٌ حالَ القيامِ فلَم يَجبْ قَضاءُ ما فاتَ منها، كتَكبيراتِ العِيدِ.

ويَقضي مَسبوقٌ ما فاتَه قبلَ دُخولِه مع الإمامِ على صِفتِه؛ لأنَّ القَضاءَ يَحكي الأداءَ كسائِرِ الصَّلواتِ ويَكونُ قَضاؤُه بعدَ سَلامِ الإمامِ كالمَسبوقِ


(١) رواه البخاري (٩٠٨).
(٢) «المجموع» (٦/ ٣٢٠، ٣٢٢)، و «التنبيه» (٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>