للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ عابدِين : إذا كانَ هذا في الدُّعاءِ والذِّكرِ فما ظَنُّكَ بالغِناءِ الحادِثِ في زَمانِنا الذي يُسمُّونَه وَجْدًا ومَحبَّةً؛ فإنَّه مَكروهٌ لا أصلَ له في الدِّين» (١).

وقالَ المالِكيةُ: كُرهَ صِياحٌ خَلفَها مِثلَ: استَغفِروا لها، ونَحوِه؛ لأنَّه ليسَ مِنْ فِعلِ السَّلَفِ (٢).

وسُئلَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : عن رَفعِ الصَّوتِ في الجنازةِ؟

فأجابَ: الحَمدُ للهِ، لا يُستحَبُّ رَفعُ الصَّوتِ مع الجنازةِ لا بقِراءةٍ ولا ذِكرٍ ولا غيرِ ذلك، هذا مَذهبُ الأئِمةِ الأربَعةِ، وهو المَأثورُ عن السَّلفِ مِنْ الصَّحابةِ والتابِعينَ، ولا أعلَمُ فيه مُخالِفًا، بل قد رُوِي عن النَّبيِّ : «أنَّه نَهى أنْ يُتبَعَ بصَوتٍ أو نارٍ»، رَواه أبو داودَ (٣).

وسمِعَ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ رَجلًا يَقولُ في جنازةٍ: استَغفِروا لِأخيكم، فقالَ ابنُ عمرَ: «لا غفَرَ اللهُ لكَ بَعْدُ»، وقالَ قَيسُ بنُ عبَّادٍ: وهو مِنْ أكابِرِ التابِعينَ مِنْ أَصحابِ علِيِّ بنِ أَبي طالِبٍ : «كانوا يَستحِبُّونَ خَفضَ الصَّوتِ عندَ الجَنائِزِ».


(١) «رد المحتار» (١/ ٦٠٨).
(٢) «الشرح الصغير مع بلغة السالك» (١/ ٣٧١)، و «الشرح الكبير» (١/ ٤٢٣).
(٣) رواه أبو داود (٣١٧١)، وأحمد (١٠٨٩٣) مِنْ حَديثِ أبي هُريرةَ قالَ الألبانِيُّ في «أحكامِ الجَنائِزِ» (٩١): وفي سَندِه مَنْ لَم يُسمَّ، لكنه يَتقوَّى بشَواهِدِه المَرفوعةِ، وبَعضِ الآثارِ المَوقوفةِ، ثم ذكَرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>