للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَياةِ ثَوبانِ؛ لأنَّه يَجوزُ له أنْ يَخرُجَ فيهما، ويُصلِّيَ فيهما مِنْ غيرِ كَراهةٍ، فكذا يَجوزُ أنْ يُكفَّنَ فيهما مِنْ غيرِ كَراهةٍ.

أمَّا كَفنُ الضَّرورةِ: فهو أنْ يَقتصِرَ على ثَوبٍ واحِدٍ إذا لَم يَجدْ غيرَه، قالَ الكاسانِيُّ: يُكرَهُ أنْ يُكفَّنَ في ثَوبٍ واحِدٍ؛ لأنَّ في حالةِ الحَياةِ تَجوزُ صَلاتُه في ثَوبٍ واحِدٍ مع الكَراهةِ، فكذا بعدَ المَوتِ يُكرَهُ أنْ يُكفَّنَ فيه إلا عندَ الضَّرورةِ بأنْ كانَ لا يُوجدُ غيرُه؛ لِما رُويَ «أنَّ مُصعَبَ بنَ عُميرٍ لمَّا استُشهِدَ كُفِّنَ في نَمِرةٍ». الحَديثَ (١).

وكذا حَمزةُ لمَّا استُشهِدَ: كُفِّنَ في ثَوبٍ واحِدٍ لَم يُوجَدْ له غيرُه (٢). فدلَّ على الجَوازِ عندَ الضَّرورةِ (٣).

وذهَبَ المالِكيةُ في أحَدِ القَولَينِ والشافِعيةُ في قَولٍ والحَنابِلةُ إلى أنَّ أقلَّ ما يُجزِئُ في كَفنِ الميِّتِ ثَوبٌ واحِدٌ يَعُمُّ البَدنَ، سَواءٌ كانَ رَجُلًا أو امرأةً؛ لِمَا رَوت أُمُّ عَطيَّةَ قالَت: فلمَّا فَرَغْنا -يَعني مِنْ غُسلِ ابنةِ النَّبيِّ أَلقَى إِليْنا حِقْوَه، فقالَ: «أَشْعِرْنَها إِيَّاه»، ولَم يَزدْ على ذلك (٤).


(١) حَديثٌ صَحيحٌ: تقدم.
(٢) أخرجه البيهقي (٣/ ٤٠١)
(٣) «بدائع الصنائع» (٢/ ٣٢٥)، و «المبسوط» (٢/ ٧٢، ٧٣)، و «الاختيار» (١/ ٩٩)، و «فتح القدير» (٢/ ١١٤)، و «العناية» (٢/ ٤٧٧)، و «الهداية» (١/ ١٩١)، و «عمدة القاري» (٨/ ٤٤).
(٤) رواه البخاري (١١٩٥)، ومسلم (٩٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>